التعليم الزيتوني في تونس بين هيمنة الفرنكفونية وإثبات الهوية
إعداد الدكتور: حمودة بن مصباح
أستاذ باحث بمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان
مدخـــــــل :
التعليم الزيتوني هو نظام التعليم الإسلامي الذي كان قائما في جامع الزيتونة وفروعه في تونس قبل اتخاذ الحكومة التونسية قرار إلغائه 1954.
وانطلاقا من الدور الذي كان يؤديه التعليم الزيتوني في مقابل التعليم الفرنسي، من حيث تأصيل الناشئة وتربيتهم على التمسك بهويتهم العربية الإسلامية وتثبيت روح الإيمان في نفوسهم، استشعر الاستعمار خطورة هذا التعليم ومكانة مدرسيه وعلمائه فسعى إلى تغييب دوره وإخماد صوته سواء بالقوة أو بصياغة برامج تستجيب لرغباته كمحاولة لتأبيد بقائه. وبعد مضي أكثر من ستين سنة على خروج المستعمر ظل جامع الزيتونة والتعليم الزيتوني يراوح مكانه تهيمن عليه التجاذبات التي يطغى عليها الطابع السياسي.
كل هذا وغيره كان الدافع إلى إثارة هذه المسألة كمحاولة لإعادة الاعتبار للتعليم الزيتوني الأصيل الذي كون وأنشأ أعلاما في الفكر وزعماء في السياسة مثل الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور والشيخ محمد الفاضل بن عاشور والمناضل عبد العزيز الثعالبي، وفي السياسة الرئيس الجزائري هواري بومدين وغيرهم كثر.
كما أن المخلصين الأوفياء لهذه المنارة الدينية العلمية لقادرون على إعادة صياغة برامجه ومضامينه بما يؤهله لاستقطاب الباحثين من كل أنحاء العالم، فنحافظ عليه معلما ومكسبا لبلادنا لا يقل شأوا عن جامع الأزهر الشريف.
ولكن هذه المهمة تبقى منقوصة في نظرنا إذا لم نسهم كباحثين في الحفر في تاريخ هذه المؤسسة التعليمية وتعريف أبنائنا بهذا المخزون الفكري الذي أثمر كثيرا رغم الظروف الصعبة التي مر بها سواء زمن الاستعمار أو مع الرئيس بورقيبة بعد 1956، إضافة إلى الكشف عن الدور الوطني الذي قام به جامع الزيتونة وعلماؤه لما كان يحتضن المناضلين ويقود التحركات ضد المستعمر و أخص بالذكر هنا “صوت الطالب الزيتوني”.
ووفاء مني لهذه المؤسسة الدينية ولما طلب مني المشاركة في هذه الندوة أقدمت على إعداد ورقة علمية نحاول من خلالها الكشف عن الدور الوطني والنضالي الذي كان يقوم به جامع الزيتونة وعلماؤه وطلبته في مواجهة المستعمر، وبالتالي جمعت هذه المنارة العلمية بين مهمتي تنوير العقول ومقارعة الاستعمار، وهو دور في الحقيقة وقع تغييبه قصدا أو عن غير قصد حسب أهواء المتنفذين في البلاد.
التعليم الديني : المفهوم والمصدر:
التعليم بين الأمم من أصول المدنية البشرية، حيث يمثل عنوان رقيها ويحقق نهضتها،إذ لا نهضة ولا تقدم لمجتمع لا يعير اهتماما بالتعليم والعلم عامة، ويتفرع التعليم إلى فروع شتى ومجالات متعددة حسب اختصاص كل نوع منها، لذلك فإن التعليم الذي نعنيه في هذه المداخلة هو المرتقى به فوق الحد الطبيعي الضروري للإنسان أي هو الذي يحقق كمالا في النوع باعتبار حاجات العصور والأقوام، وهو الذي تتفاوت مدارك الناس فيه أو هو على حد عبارة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور تعليم يفيد ترقية المدارك البشرية وصقل الفطر الطيبة لإضاءة الإنسانية وإظهارها في أجمل مظاهرها، فيخرج صاحبها عن وصف الحيوانية البسيط وهو الشعور بحاجة نفسه خاصة إلى ما يفكر به في جلب مصلحته ومصلحة غيره بالتحرر عن الخلل والخطأ بقدر الطاقة وبحسب منتهى المدنية في وقته(1).
إن المجال لن يسمح بالتعرض لكل أنواع العلوم وتطورها عبر العصور وتعدد مجالاتها ومدى الحاجة إليها لذلك فإننا سنحصر القول في التعليم الديني أساسا والتعليم الزيتوني في تونس تخصيصا،وفي حدوده الزمانية والمكانية حتى تنكشف لنا أهمية مناهج وبرامج هذا التعليم ودوره في ترقية متلقيه.
التعليم الديني ليس أمرا مستحدثا صنعته الأجيال لوحدها وبمعزل عن التنزيل السماوي (الوحي) بقدر ما كان يستمد تعاليمه ومناهجه وحضوره وقوته من الأديان السماوية، وقد أدى الأنبياء الرسالة وعلموا أقوامهم ما لم يكونوا يعرفونه من قبل تلقينا ونصحا وإرشادا وتوجيها، ولكن الإسلام كدين سماوي عالمي انفرد من بين سائر الأديان السماوية بميزة التنويه بفضل العلم والعالم في كثير من آيات التنزيل منها قوله تعالى:” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنما يتذكر أولوا الألباب “(1) ، كما رسم رسوم التعليم والتربية في قوله تعالى : “اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم”(2)، وأكد على ضرورة الاتصاف بالخلق الحسن في قوله عز وجل:” وإنك لعلى خلق عظيم”(3)، وفي المقابل حذر من كتمان العلم وتوعد الرسول عليه السلام كاتمه بالعقاب في قوله” من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة”
ولما كان الإسلام دينا للعالمين، كان العرب أول من تلقى هذا الدين الجديد وشغفوا به كثيرا وحفظوه في الصدور والسطور، وتتابع الاهتمام به عبر الأجيال صحابة وتابعين وتابعيهم ومن لحق بهم، فنشأت المذاهب الاجتهادية، وأبدع المصلحون في مجال الإصلاح، عمدتهم في ذلك النص المقدس القرآن الكريم والسنة النبوية، ثم تتالت بعد ذلك دروس العلم الديني والحلقات العلمية فنشأت الكتاتيب التي عدت حصنا للأطفال ومنبعا لأصول المعرفة الأولى، وتأسيسا لأصول عقيدة نقية فانفتحت البصائر واطمأنت القلوب إلى أن كان دور المساجد والمدارس التي جمعت بين حفظ القرآن ودروس الحديث والفقه والإفتاء، فكان جامع الزيتونة منارة ومقصدا لطالبي العلم الشرعي رغم ما شهده من مضايقات ومحاولات لصده عن تأدية رسالته، كادت أن تعصف به فتذهب ريحه ولكن الله تعالى ثبت خطاه، فظل شامخا لا ينحني عصيا على أعدائه مهما حاولوا.
التعليم الزيتوني في تونس: الدور والمهمة
ماذا نعني بالتعليم الزيتوني؟ ما مضامينه؟ وأي دور يمكن أن يؤديه زمن الاستعمار؟ أسئلة كثيرة تجد حضورها لدى المتابع لهذه المؤسسة الدينية خصوصا زمن الاستعمار الفرنسي وهيمنة الفكر الاستعماري الرافض لكل ما يهدد وجوده بمستعمراته ويسهم في توعية أبناء البلد وتحفيزهم على مواجهة الدخيل.
التعليم الزيتوني هو نظام التعليم الإسلامي الذي كان قائما بجامع الزيتونة وفروعه في تونس قبل اتخاذ الحكومة التونسية قرارا بإلغائه سنة 1954، هو تعليم دام قرابة 13قرنا،أدى خلالها دورا رياديا في نشر الثقافة العربية الإسلامية في تونس وسائر بلاد المغرب العربي والعالم الإسلامي، كما يعد جامع الزيتونة أول جامعة في البلدان الإسلامية إذ فيه تأسست أول مدرسة فقهية بإفريقيا ومن أعلامها:
- علي بن زياد التونسي، أسد بن الفرات، الإمام سحنون.
كما اشتهر جامع الزيتونة بواحد من أعلامه في الفقه في العهد الحفصي وهو الفقيه والمحدث والمفسر محمد بن عرفة التونسي والمؤرخ ومبدع علم الاجتماع عبد الرحمان ابن خلدون وغيرهما، ولم يقف دور جامع الزيتونة على نشر العلم والمعرفة والقيم الإسلامية السمحة بل كان إلى جانب ذلك قاعدة للتحرر والتحرير من خلال إعداد وتهيئة الزعامات الوطنية والقومية والإسلامية وترسيخ الوعي بالهوية العربية الإسلامية ومنه تخرج: العلماء سالم بوحاجب ومحمد الخضر حسين ومحمد العزيز جعيط وعبد العزيز الثعالبي ومحمد الطاهر بن عاشور ومحمد الفاضل بن عاشور، ومن الجزائر عبد الحميد ابن باديس والرئيس الجزائري هواري بومدين، وهذا دليل قاطع على تجاوز إشعاع جامع الزيتونة عنوانا ومضمونا حدود تونس والمغرب العربي ليصل إلى كافة أرجاء الوطن العربي وسائر ديار الإسلام، حيث كان إلى جانب الأزهر وجامع القرويين والجامع الأموي أكثر حصنا للغة العربية والشريعة الإسلامية في القرون اللاحقة.
التعليم الزيتوني في فترة الاستعمار الفرنسي :
يجمع المؤرخون على أن تونس قد مرت بظروف صعبة سياسيا وفكريا زمن الاحتلال الأجنبي الفرنسي وقد تجلى ذلك بالخصوص ما بين سنة 1912 و1920 عندما أعلنت دولة الاحتلال حالة الحصار والأحكام العرفية العسكرية بكامل البلاد في مارس 1912 إثر حادثني الزلاج ومقاطعة الترامواي بالعاصمة، فتعطلت جميع الصحف العربية ما عدا جريدة الزهرة، ومنعت الاجتماعات وتوقف نشاط الجمعيات والنوادي وأغلقت المطابع ومورس الإرهاب على المثقفين الوطنيين، فكان من آثارها أن خمدت الحركة الفكرية بالبلاد، ولما كانت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 زاد الحكم العسكري على البلاد قوة والضغط الإداري تعسفا وبلغ قرار غلق الصحف مداه إلى شهر مارس 1920.
ولم يكن التعليم الزيتوني خلال هذه المرحلة بمنأى عن الأحداث المذكورة، بل إن المستعمر الفرنسي أحس بخطورة هذه المؤسسة الدينية ودورها في توعية الدارسين وتحفيزهم على مقارعة المستعمر، فسعى إلى محاولة طمس معالم هذا الجامع من خلال عمليات تغييب دوره النضالي ليصبح تابعا له متأثرا بالطابع الفرنسي لغة وعقلية، من ذلك مثلا أن اللغة العربية أصبحت لغة ثانوية أو هي دون حتى سائر اللغات الأجنبية، كما كانت البرامج التعليمية في كل درجاته عبارة عن نسخ من البرامج الفرنسية بعيدة كل البعد عن الروح الوطنية للبلاد، وحتى إن تعرضت هذه البرامج للحالة السياسية والثقافية أو الاجتماعية لتونس فلن يتجاوز ذلك العرض المطلق للوسط الذي يعيش فيه الطالب، كما كانت الكتب المعتمدة تساعد على تكريس هذا التوجه، الأمر الذي جعل التعليم عموما عديم الروح الوطنية ويرمي في المقابل إلى فرنسة العقول من خلال إخضاع الطالب التونسي إلى نفس البرامج والتكوين الذي يتلقاه الطالب الفرنسي، وهذا شأن كل الدول الاستعمارية، وآثار الفرنسة بالجزائر خير شاهد على ذلك، حيث كادت الجزائر أن تتحول إلى محمية فرنسية لولا وطنية رجالها الصادقين وزعمائها ومصلحيها الذين أعادوا لها روحها الوطنية وإشعاعها العربي والإسلامي.
إن تردي الوضع التعليمي بتونس لم يحط من عزائم شبابها وطلابها ومثقفيها بقدر ما كان حافزا لهم على مواصلة النضال من أجل تغييره ودرء شروره، فاضطرت فرنسا إلى التراجع عن سياستها التعليمية أحيانا وأحدثت ما يسمى بالتعليم التونسي العصري ولكنه لم يتجاوز العناوين وبقي على حاله رغم إضافة بعض المواد كالعربية والترجمة والفقه والتوحيد(1).
لقد عاشت الجامعة الزيتونية وضعا مترديا بعد فشل كل المحاولات الإصلاحية، فبقي التعليم تقليديا في مستوى مواد التدريس وطرقه ومناهجه ولم تعد له القدرة على التأقلم مع الواقع المتغير الذي تعيشه البلاد على جميع الأصعدة(2)، ومن رحم هذا الوضع المتردي ظهرت حركات إصلاحية مطلبية منذ بداية القرن العشرين نادت بالإصلاح الزيتوني وإعطاء التعليم الديني المكانة التي يستحقها وتحسين ظروف الدراسة.
التعليم الزيتوني ودوره في تحصين العقل وإثبات الهوية:
وعى طلبة الزيتونة بالوضع المتردي الذي كان يعاني منه التعليم منذ نهاية القرن الميلادي الماضي، ويبدو أن هذا الوعي راجع في أساسه إلى انتشار أفكار حركة النهضة الإصلاحية التي عمت تونس وسائر البلاد العربية والإسلامية وكانت تدعو إلى الإصلاح الديني والتعليمي وقد تجلى هذا الوعي في سلسلة النضالات التي اتخذت أشكالا مختلفة قام بها طلبة النصف الأول من هذا القرن الميلادي، حيث بدأت ببعث “جمعية تلامذة جامع الزيتونة “سنة 1907 وإضراب 16/18 أفريل 1920 وقد بلغت ذروتها بتشكيل “لجنة صوت الطالب الزيتوني” سنة 1950 إضافة إلى ما نظمه الطلبة الزيتونيون من مظاهرات وإضرابات وإعتصامات بقيادة هذه المنظمة.
لقد كان من نتائج هذا النضال أن اضطرت السلطات الاستعمارية إلى تكوين العديد من لجان إصلاح التعليم الزيتوني وإدخال العديد من الإصلاحات عليه(3)، كما أدى مشايخ الزيتونة دورا مبكرا في إذكاء وعي الطلبة ومناصرة نضالهم منهم الشيخ محمد الطاهر بن عاشور وسالم بوحاجب(4) ودفعهم إلى موقف جماعي للمدرسين الزيتونيين ضد إصلاح التعليم بالجامع كما يريده الاستعمار، واستمر الموقف الفرنسي السلبي حتى إضراب 1943 فكان لنجاح المدرسين الزيتونيين في إضرابهم الأول فرض مطالبهم، كما وجدوا سندا شعبيا واسعا عزز صفوف المشايخ الداعين لإصلاح الزيتونة، وهو ما مهد لمؤتمر عام للمدرسين من أجل إصلاح التعليم الزيتوني سنة 1944 حيث انتهت أشغاله بوضع برنامج إصلاحي متكامل مع المطالبة بعودة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور إلى مشيخة الجامع.
إن هذه النضال الذي مارسه مشايخ وطلبة جامع الزيتونة وغيرهما هو الذي مكن القيادة من تحقيق نجاحات كبيرة وإصلاحات هامة رغم مضايقات السلطة الاستعمارية، كما ساهم في خلق حالة من الوعي في الأوساط الطلابية ولدى عموم الناس، وكشف خطورة المشروع الفرنسي الرامي إلى فرنسة التونسيين وتغريب الثقافة الأصيلة لهذا الشعب كمحاولة منه إلى تأييد وجوده، ولكن كل هذه المحاولات قد باءت بالفشل خصوصا لما تكونت لجنة صوت الطالب الزيتوني.
لجنة صوت الطالب الزيتوني: الدور والمهمة
لم تكن نشأة صوت الطالب الزيتوني حدثا مفاجئا، بقدر ما كان تتويجا لنضال مؤسسة كاملة بطلابها ومدرسيها، حيث عاد الطلبة من جديد للمطالبة بالإصلاح منذ سنة 1947 لما قدموا للحكومة مذكرة تتضمن ثمانية مطالب ثم أعلنوا الإضراب سنة 1948، ولما تم تشكيل مجلس للإصلاح في فيفري 1950 قدموا مذكرة أخرى بـ16 مطلبا وانتخبوا لجنة الدفاع عن مصالح الطلبة الزيتونيين، وقد كانت نواة للجنة صوت الطالب الزيتوني التي تحملت مهمة قيادة نضال الطلبة من أجل تحقيق المطالب، وتمكنوا من إحداث الشعبة العصرية الزيتونية سنة 1950 بعد أن استجابت حكومة شنيق لمطالبهم، وتأسست لجنة إصلاح التعليم العصري(1)، وقد مكنت هذه الشعبة الطلبة الزيتونيين من تملك العلوم الصحيحة.
والمتمعن في هذه اللجان وتعددها رغم وحدة مضامينها ومطالبها قد يعترضه السؤال التالي: لماذا كل هذه اللجان؟ ولماذا لم يتجه الطلبة للمواجهة المباشرة مع الاستعمار؟
ولكن القراءة الموضوعية لواقع المرحلة والقدرات الذاتية للمواجهة تفصح عن دقة الممارسة وحكمة روادها، فبحكم عدم تكافؤ الإمكانيات المادية والبشرية وفي ظل حالة الاحتلال يصبح أسلوب إرباك الطرف المقابل وإزعاجه وتكثيف لجان المطالبة وتنويع المطالب أمرا مقلقا للسلطة الاستعمارية، وبالتالي ليس لها من خيار إلا أحد أمرين إما الإستجابة لكل المطالب وهذا غير ممكن لأنه يضعف المستعمر أو اعتماد منطق القوة والسجن وهذا بدوره يكشف عن الوجه الحقيقي للاستعمار والذي يحاول دائما أن يخفيه.
تجذر المطالب الزيتونية من خلال دستور 1950 :
حقق الدستور الزيتوني 1950 تجذرا في مستوى الوعي لدى الطالب الزيتوني ونقطة تحول في طبيعة مطالبه التي أصبحت من خلال المطلبين الأول والثاني تعبيرا عن سعي الطلبة الزيتونيين إلى التأقلم مع الواقع الجديد، والتحول إلى الفعل الحقيقي،وقد تجلى ذلك من خلال البعد الذي أعطي لهذين المطلبين، فقد بينت جريدة صدى الزيتونة لسان حال صوت الطالب الزيتوني مركزية هذين المطلبين عندما ذكرت أن نقطتي تنفيذ التنظير وتعريب المناظرات تعتبران نقطتين أساسيتين لا يمكن بحال إرجاء تنفيذهما(1).
والمتمعن في هذين المطلبين: التنظير وخصوصا تعريب المناظرات تنكشف له حقيقة التحول الكبير في طرح المطالب وتجاوزها للمطلبية الظرفية إلى ما هو أبعد عمقا وهو حضور الطرح السياسي الذي يندرج في إطار تصورات استشرافية للمشروع المجتمعي لتونس المستقلة والذي تحتل فيه اللغة العربية المكانة الرئيسية كما يمكن الزيتونيين من المساهمة في الاضطلاع بهمة البناء الوطني في أبعاد عربية إسلامية وهذا ما يضع حدا للإقصاء والتهميش الذي عاشه الطالب الزيتوني خلال الفترة الاستعمارية، ذلك أن تعريب المناظرات هو في حد ذاته تعريب للإدارة الذي لا تريده فرنسا، لأنه يتجاوز بعده الثقافي ليعبر عن مشروع مجتمعي مستقبلي يتعارض مع التوجهات التغريبية لأغلب زعماء الحزب الدستوري الجديد، وقد تجذر هذا التوجه بوصول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ودعمه لمرتكزات البناء العربي الإسلامي ثم ابنه الشيخ محمد الفاضل بن عاشور الذي أكمل المهمة والدور(2).
إن الخلفية الثقافية لأحداث 15 مارس 1954 لا تعني مطلقا أن الزيتونيين لم تكن لهم مواقف من القضايا المطروحة وقتئذ في الساحة السياسية فقد علقت لجنة صوت الطالب الزيتوني على إصلاحات “فواز” بالقول “إن الزيتونيين يعتبرون كل إصلاح لا يرمي إلى إلغاء الإدارة المباشرة وتعريب الإدارة التونسية والاعتراف باستقلال البلاد أحرى به أن يسمى فسادا لا إصلاحا ولا يعنيهم مجيء هذه الإصلاحات ولو على يد أكبر وطني بالبلاد أو أكبر خائن أو متمرد، وسيسعون إلى تحقيق سيادة بلادهم”(3) . ولكن المراد من القول هو التحول النوعي في كيفية طرح المطالب والارتقاء بها إلى مطالب تحرر وانعتاق اجتماعي يشترك فيها كل أبناء البلاد الوطنيين، من ذلك أن المطالبة بالإصلاح الزيتوني وتعصير التعليم وتعريبه والتي جسدت روح هذا التحرك تعد حلقة من حلقات النضال الزيتوني في إطار النضال الوطني باعتباره يندرج في عمق الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية.
ولتأكيد هذا المسار النضالي لنخبة جامع الزيتونة طلبة ومدرسين سنقدم عينات من المسيرة النضالية التي تكشف وطنية هذه المؤسسة الدينية وتشبثها بالدفاع عن هويتها العربية الإسلامية، في الوقت الذي تسعى فيه قوى أخرى تونسية ليبرالية التوجه فرنكفونية الفكر إلى التعاون مع سلطة الاحتلال ومجاراة سياساتها التربوية والثقافية نذكر منها:
1/ قيام حركة مسلحة في زرمدين بقيادة الشهيد محمد الصالح بطيخ وبدعم العناصر الزيتونية منهم السيد عبد الكريم قمحة، ولكن أمانة الحزب العتيد غررت بهم زاعمة مساعدتهم على الرحيل إلى ليبيا وعند نزولهم في معاقلهم وتوسطهم الصحراء أوقعتهم السلطات الفرنسية في كمين بمعرفة قادة الدستور الجديد.
2/ قيام جامع الزيتونة وبقيادة صوت الطالب الزيتوني بحركة تضامن مع المغرب الشقيق لما أقدمت السلطات الفرنسية الاستعمارية بنفي المغفور له المرحوم محمد الخامس سلطان المغرب الأقصى، حيث دعوا إلى إضراب عام واجتماع عام بجامع الزيتونة الأعظم، ولكن دعاة حزب الدستور الجديد وكالعادة سعوا إلى حل الإضراب العام والتقليل من الإقبال على الاجتماع ولكنهم فشلوا في محاولتهم.
3/ لما ألقت السلطات الاستعمارية القبض على أعضاء حكومة محمد شنيق(1) وأعضاء الديوان السياسي ليلة 18 جانفي 1952 دعا طلبة جامع الزيتونة لإجماع عام بالمدرسة الحسينية الكبرى حضره جمع غفير من طلبة الزيتونة وخطب فيهم الزيتوني محمد البدوي العامري باسم صوت الطالب الزيتوني، فأثار حماستهم وحيتهم فانطلقت من هناك مظاهرة تمكنت من الوصول إلى مقر الإقامة العامة الفرنسية ورمتها بالحجارة والعصي وحاصرت الرؤوس الفرنسية فترة من الزمن وأذلت كبرياءهم، وكانت أول مظاهرة ناجحة في بداية الأحداث التونسية المعاصرة والتي أدت إلى هذا الاستقلال الذي تفرد به الزعيم دون غيره.
إن هذه التحركات وما أعقبها من إضراب عام شمل البلاد هي التي ساهمت في توعية المواطن ودفعته إلى ضرورة النضال ضد المحتل ليحقق حريته واستقلاله وينعم بخيرات بلاده التي ظل محروما منها طيلة الفترة الاستعمارية، ولكن بورقيبة وقتئذ كان أميل إلى المفاوضات مع الفرنسيين واعتماد الدبلوماسية السياسية بدلا من المواجهة حين صرح للصحافيين الأمريكيين وهو بجزيرة جالطة بقوله : “لو تنازلت لي فرنسا أقل تنازلا لصيرت هذا الشعب الذي يلعنها اليوم يهتف بحياتها غدا”.
4/ لما أقدمت السلطات الاستعمارية على اغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد، قام صوت الطالب الزيتوني بمظاهرة صاخبة شارك فيها الدكتور عبدا لرحمان مامي الطبيب الخاص للملك وقتها فما كان من اليد الحمراء إلا أن اغتالته خوفا من أن يقود المعركة العربية الإسلامية ضد السياسة التعاونية المخلصة لفرنسا.
هذه بعض الوقائع التاريخية المختصرة قدمناها كنماذج عملية دالة دلالة واضحة على أن العقلية العربية الإسلامية التي يمثلها جامع الزيتونة الأعظم كانت دائما في مقدمة الجهاد ضد الاحتلال وفي طليعة الكفاح الوطني ضد كل القوى الدخيلة جنسا ولغة وتفكيرا، وأن هذه المدرسة الزيتونية الفكرية الأصيلة والمتأصلة في تراثها والمتشبثة بهويتها كانت دائما ولازالت وستبقى بإذن الله وعونه المعبر الصادق عن آمال الشعب التونسي ومطامحه والمؤتمن الحقيقي على قيمه ومميزاته والحافظ لتراثه وحضارته .
إن القيادة التي مارستها الزيتونة طيلة قرون متعددة ليس من السهل الإعفاء عليها بمجرد أمر جائر عنوانه إغلاق جامع الزيتونة الأعظم، ذلك أن الأيدي الحمراء الآثمة لئن استطاعت تعطيل المؤسسات الزيتونية وتجميد نشاطها العلمي والثقافي فإنها لن تستطيع تعطيل العقول عن التطلعات والآمال، ولن تقدر على غلق القلوب المؤمنة بمستقبل العروبة والإسلام في تونس العربية المسلمة، وأن الفكر السياسي الزيتوني الذي برهن على فعالياته في شتى الظروف وواكب الحركة الوطنية كمؤسس ومقدم ومقاوم، قد أهلته هذه الخصائص الذاتية ورشحته الإرادة الشعبية لحفظ التوازن الوطني في تونس بعد أن كون المستعمر كثيرا من العقول وأهل عقليات سياسية لتنسجم معه في تفكيره وسياسته وأسلوب حياته، وبعد أن اختل التوازن الوطني فإن الواقع التونسي يرشحه تلقائيا ليكون ا لبديل القيادي لإنقاذ الموقف وحماية البلاد من حركة مسخ هجين بلغ ذروته.
وبهذه المكانة التي احتلها جامع الزيتونة والدور البارز الذي أداه طلبته وإشعاع هذه المؤسسة التعليمية الدينية وانفتاحها على محيطها العربي والإسلامي، ظلت تونس طوال الحضور العربي الإسلامي بالشمال الإفريقي تمثل القدوة الحسنة لاعتبارات تاريخية وفكرية ولكنها بعد 1956 شهدت حالة من النكوص والتراجع بفعل هيمنة التوجه الليبرالي المنبهر بالغرب، ولكن الزيتونيين بحكم تكوينهم الفكري الأصيل بقوا منسجمين مع الأمانة التي عهد لهم بها المجتمع وتواصل النضال الفكري والسياسي على امتداد المرحلة في مواجهة الخط المتأورب، فتمكنوا من المحافظة على هوية وعقيدة هذا الشعب وقد ساعدهم في ذلك حدوث ثورات في المغرب العربي والمشرق وبروز فكر إصلاحي تنويري شبابي متمسك بهويته ودينه، يضاف إلى ذلك الدور الفاعل الذي لعبه الأزهر في المشرق العربي والذي مثل حصنا منيعا لتاريخ الأمة ضد أي محاولة أو تهميش.
امتزاج الأزهر بالزيتونة
أوردت مجلة الهداية في عددها 171 بتاريخ 30/31 ذي الحجة محرم 1426 هـ/1427هـ الموافق لـ 30/31 جانفي 2006 مقالا بعنوان “امتزاج الأزهر بالزيتونة، وقد جاء هذا المقال تأكيدا على روح التواصل بين المؤسستين الدينيتين جامع الزيتونة وجامع الأزهر عبر مسيرة تقرب من أربعة عشر قرنا حيث يقول :” عبر مسيرة تقرب من أربعة عشر قرنا نقف خلالها على جامع الزيتونة يوم كان أساسه يرسو ودعائمه تعلو في أوائل القرن الثاني للهجرة على يد بانيه عبد الله بن الحبحاب وقد كان واليا على مصر ومنها قدم إلى تونس بعد أن استخلف ابنه أبا القاسم على مصر، ووقتها كان جامع الزهر يعلو بدوره ومدينة الفسطاط هي أم القاهرة، كانت دار ابن الحبحاب وجامعها جامع عمر والذي هو أبو الجامع الأزهر، حيث كان ابن الحبحاب إمام محرابه وخطيب منبره وهو الجامع بين الجامعين.[1] ومما زاد في قوة الصلة بينهما صحبة علي بن زياد التونسي لليث بن سعد وروايته عنه بمصر ثم انتصابه بجامع الزيتونة محدثا ومدرسا في منتصف القرن الثاني للهجرة.
ويضيف ابن عاشور أن الصلة بين المعهدين بدت أكثر صلابة وجلاء من خلال الفكر والتمذهب فجامع الزيتونة كما يقول كان سنيا نابيا عن الدولة فعادت الدولة إليه والأزهر كان للدولة نابيا عن السنة فعاد إليها فتوافق الجامعان في الآن وإن اختلفا في المسلك…[2]، كل هذا تضاف إليه تشابه المناهج العلمية وتقارب الأساليب التدريسية والإتحاد في أكثر مواد الدراسة والتفاضل المطرد بين شيوخ المعهدين أخذا وعطاء.
هكذا كانت العلاقة بين الجامعين في القرون الأولى تزداد يوما بعد يوم قوة وتماسكا ومتانة إلى أن وصلنا إلى المرحلة الذهبية التي بلغت فيها الصلة بين الأزهر والزيتونة أوجها عندما احتضن الأزهر إماما من الأئمة الأعلام واحد شيوخ الزيتونة العظام هو الشيخ محمد الخضر حسين(1) الذي عين مدرسا وعضو هيئة كبار العلماء ثم شيخا بالأزهر سنة 1374 هـ، ويضيف الشيخ ابن عاشور بزيارة معالي الأستاذ الكبير مدير الجامعة الأزهرية الشيخ أحمد حسين الباقوري والتف حوله علماء الزيتونة وعظموا مقدمه وخطب في جامع الزيتونة كما انتدب أكثر من مرة كأستاذ زائر المرحوم الشيخ منصور رجب وقد صلى عليه شيوخ الزيتونة بإمامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور قبل نقل جنازته إلى مصر.
فالله كما يقول الشيخ محمد الفاضل بن عاشور يحفظ هذا الامتزاج وينميه ويوفقه ويزكيه ويحرسه من العوائق ويحميه.
إننا ونحن نقدم هذا الدرس البليغ لمظهر من مظاهر العلاقة بين الجامعين، لا نريد بذلك سردا للوقائع والأحداث بقدر ما ننبه إلى ما آل إليه حال الجامعين اليوم من الفرقة والانفصال بفعل السياسة والسياسيين أو العاملين في فلكهم حتى وإن لقبوا أو نعتوا بمشايخ العلم والدين، الأمر الذي خلق حالة من التوتر إلى القطيعة، لولا أننا على يقين بأن لا فصل ولا انفصال في حق المضمون والمنهج بين المؤسستين خصوصا إذا أخلص شيوخها إليهما.
الحقبة البورقيبية والتعليم الزيتوني :
لا أحد يشك في توجه الحبيب بورقيبة الفكري وخصوصا انبهاره بالفكر الغربي سواء في مجال الدراسة أو الممارسة، حيث كان أكثر ميلا إلى التعليم الفرانكفوني من التعليم العربي الإسلامي ولعل هذا ما أدى إلى تراجع حضور التعليم الزيتوني في مرحلة حكمه وخصوصا في المراحل الأولى حيث يؤكد الجميع أن بورقيبة كانت له خلافات قديمة مع علماء الزيتونة واتهم بعضهم بمناصرة خصمه السياسي صالح بن يوسف عند إعلانه عن رفضه لاتفاقيات الحكم الذاتي سنة 1955 في جامع الزيتونة واتهم بورقيبة وقتئذ بخيانة القضية الوطنية والقومية، ودعا التونسيين إلى مقاومة الاستعمار وتوحيد النضال في المغرب العربي حتى الاستقلال التام، وبعد سنوات قليلة وضع بورقيبة حدا لجامع الزيتونة بمساعدة وزير التربية محمود المسعدي، وبذلك يكون برقيبة أول من قضى على نظام تعليمي متكامل دام ما يقارب 13 قرنا.
من سلبيات غياب التعليم الزيتوني في تونس:
التعليم الزيتوني كما قدمنا ساهم إلى حد كبير في تأصيل الوعي لدى شبابنا وتجذير هويته وترسيخ عقيدته، ولكنه شهد على امتداد هذه المرحلة حالات مد وجزر وإن كانت الحالة الثانية أطور بفعل السياسة، فتحول جامل الزيتونة إلى مزار يؤمه رجال السياسة كمحاولة لإيهام العامة بأنهم راعون لهذه المؤسسة الدينية، لذلك سنتوقف عند الآثار السلبية لغياب التعليم الزيتوني نذكر منها :
1/ غياب الوعي الديني الصحيح : وهو في نظرنا من أكبر المشكلات التي تعترض شبابنا على وجه الخصوص، حيث وقع الاكتفاء ببعض المعارف الدينية دون ربطها بإطار الزماني والمكاني وبما يتفق مع المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، كل ذلك بفعل تغييب دور جامع الزيتونة والتعليم الزيتوني الذي يرسخ لدى طالبه ثقافة أشمل ومعرفة أوسع بدينه كما يعزز انتماءه إلى أمته والتشبث بهويته العربية الإسلامية فيقوم مدافعا عنها ومناصرا لها ضد الغزو الثقافي الغربي الذي احتل البيوت بفعل الفضائيات، إضافة إلى تفرق الخطاب الديني بفعل الإيديولوجيا المقيتة التي جعلت حاملها يوظف النص الديني لما يريد لا كما يجب أن يكون عليه الأمر.
2/ التصحر الديني : من الآثار السلبية لإلغاء التعليم الديني ظاهرة التصحر الديني القائمة على ضعف مناهج التربية الدينية بمؤسساتنا التعليمية فهي لا تتجاوز تكرار الماضي وإعادة ترديد الخطاب دون إضافة أو إبداع، مما أدى إلى غياب قناعات ثابتة وراسخة ملتزمة بالدين وأحكامه العلمية التطبيقية يتجاوز بها حدود ممارسة فطرية للشعائر الدينية خالية من الروح العملية ومقتصرة على المظهر الاجتماعي سواء في الصلاة أو الأعياد مثل عيد الفطر وعيد الأضحى …
3/ ضمور الوازع الديني: وهو الذي يعد خير محفز للمؤمن ومراقب ودوافع للعمل والإبداع، وغيابه أدى إلى انتشار ظاهرة الفساد والرشوة والمحسوبية والنفاق وتزايد معدلات الجريمة والتحاليل والطلاق … وهي ظواهر سلبية تسهم إلى حد كبير في تشتت المجتمع وتفرق الأسرة ويغيب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم القائم على أن المجتمع كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى
4/ ظاهرة التطرف الديني :
نحن في زمن تشهد فيه ظاهرة التطرف الديني مداها وقد بلغت ذروتها بفعل السياسات الهشة والخاطئة في التعامل مع الدين والاعتداء على مقدساته، في مقابل غياب وعي ديني صحيح واطلاع على إبداعات أئمة المذاهب الفقهية واتفاقهم واختلافهم، وأسلوب التعامل فيما بينهم، كل هذا وغيره ساعد على بروز ظاهرة التطرف الديني وسرعة تكفير المسلمين لبعضهم، فيقاتل المسلمون بعضهم البعض بأدوات غربية. إنّ ذلك راجع في نظرنا إلى غياب وتغييب وعي ديني صحيح يقطع مع كل هذه الظواهر السلبية القاتلة.
والحل كما نراه يكمن في امتلاك قدر من الشجاعة وضرورة التفكير بجدية في إعادة صياغة مناهج وبرامج التعليم الزيتوني بما يجنبنا الوقوع في الزلل ثانية، صياغة تشمل الشكل والمضمون قادرة على الخروج بنا من حالات التقوقع والانكماش وتحمنا من التبعية للآخر، ولكنها تفتح لطالبيها أفقا من التفكير نطل به على منتجات الآخر ونحفر في الماضي لنكشف ما خفي منه منهجنا في ذلك النقد الموضوعي الذي يسهم في تكوين ناشئتنا تكوينا معاصرا يحافظ على الأصول ويطور الفروع، مقيما للعلاقة بين الثابت والمتحول في فكرنا.
المصادر والمراجع :
1)القرآن الكريم
2)البكوش سمير :مقال في منشورات المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية ،سلسلة عدد11/5،6،ماي،2002.
3)حجي لطفي :بورقيبة والإسلام ،الزعامة والإمامة ،دار الجنوب للنشر ،تونس ،ط1/2004
4)حسين محمد الخضر :دراسات في الشريعة الإسلامية ،المطبعة التعاونية ،ط1975.
5) )الزيدي علي :مقال في المجلة المغربية ،عدد 35/36 ،ديسمبر 1984.
6)الزيدي علي :مقال بالمجلة التاريخية المغربية ،عدد5و6 ،ديسمبر 1984.
7)الزمرلي الصادق :أعلام تونسيون ،تعريب حمادي الساحلي ،دار الغرب الإسلامي ،بيروت.
8)الساحلي محمد العزيز :تراجم وقضايا معاصرة .
9)قحة عبد القادر :الشيخ سالم بوحاجب ومنهجه الإصلاحي أنموذجا ،المطبعة العصرية ،تونس ،ط1/2007.
10)مجلة صدى الزيتونة ،5ماي 1954.
11)مجلة الهداية :عدد 171،30/31 جانفي 2006.
(1) ابن عاشور، محمد الطاهر: أليس الصبح بقريب، دار السلام للطباعة والنشر، ط1/2006، ص13.
(1) سورة الزمر: الآية 9.
(2) سور العلق: الآية 3و4.
(3) سورة القلم: الآية 4.
(1) الزيدي، علي : مقال في المجلة التاريخية المغربية، عدد 35/36، ديسمبر 1984.
(2) البكوش، سمير: مقال صدر في منشورات المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية، سلسلة عدد11، عدد5/6، ماي 2002، ص359.
(3) الزيدي، علي : مقال نشر بالمجلة التاريخية المغربية، عدد5/6 ديسمبر 1984، تونس،ص11.
(4) سالم بوحاجب: 1827/1924 لغوي، فيلسوف ومربي، كان متطلعا للمعرفة التحق بجامع الزيتونة فدرس به تولى خطة الفتيا المالكية، ثم ارتقى إلى خطة مشيخة الإسلام المالكية سنة 1919 ( أعلام تونسيون، تعريب حمادي الساحلي، دار الغرب الإسلامي، بيروت/ط1/1986،ص169).
(1) الزيدي، علي: ن المجلة، ص95.
(1) الزيدي، علي: ن المجلة، ص95.
(2) مجلة صدى الزيتونة، 5 ماي 1954.
(3) ن،م/ن،ص.
(1) – محمد شنيق 1889/1976، ولد بمدينة تونس والتحق بالمدرسة الصادقية 1904، ثم انظم إلى حركة الشباب التونسي التي أسسها علي باش حانبة 1907، ثم انظم إلى المجلس الكبير الذي تأسس سنة 1922 (محمد العزيز الساحلي : تراجم وقضايا معاصرة، ص 171)
[1] – مجلة الهداية عدد 30، 31 جانفي، 2006، ص
[2] – ن،م/ن، ص .
(1) – محمد الخضر حسين، 1873/1958، ولد بنفطة بتونس، من أسرة علم وإصلاح وتقوى، يتصل نسبها بالرسول الأعظم، التحق بالجامع الزيتوني وحصل منه على الشهادة العالمية في العلوم الدينية والعربية، أصدر مجلة السعادة العظمى وأغلقتها سلطات الاحتلال الفرنسي، تولى القضاء ببنزرت سنة 1906، عين مدرسا للعلوم الدينية والعربية في الجامع الزيتوني، درس في الصادقية، حكم عليه بالإعدام لاشتغاله بالسياسة ودعوته للنضال ثم رحل إلى دمشق ثم إلى مصر لاجئا سياسيا 1920 بعد ملاحقته بدمش، استلم مجلة نور الإسلام التي يصدرها الأزهر، كما عين مدرسا للفقه، وأنشأ جميعة الهداية الإسلامية… واختير عام 1952 إماما لمشيخة الأزهر، توفي 1958 ودفن بالقاهرة. (محمد الخضر حسين، دراسات في الشريعة الإسلامية، تحقيق علي الرضا التونسي، المطبعة التعاونية، ط 1975.)