شعب الأكل و النّومأ. محمد علي بن عامر
|
عن أي شغل دأبه صرف النظر | شعب يحبّ الأكل و النوم أشِرْ | |
ويذوب في اللذات مبهور البصر | صوب الموائد يركض لاهثا | |
ويجودُ بالأموال فيها مقتدر | في شهوة لا تنتهي نزواته | |
في الجدّ يشكو الفقر أو فرط الضجر | في اللهو تلقاه الميسر حاله | |
يغنيه في دنياه من خير و شر | شعب يحبّ الزّهو و اللّهو وما | |
وتراه عبد المال في كرّ و فر | يشكو من الأوضاع وهي رديئة | |
ويروغ بالأثام في شتّى الصور | فيه مؤدّي الفرض في أوقاته | |
وهو على درب الفساد المستمر | أو يدعي أنّ الصلاح برأيه | |
من بعض أسلاك الإدارة و الأطر | أشكو لكم مما يعاني شعبنا | |
إن جئت تطلب في الكاتب حاجة لم تلق من تحكي له بالمختصر | ||
عما أتيت لأجله تقضي الوطر | يعييك ببيان المراد وتنثني | |
فإذا فهمت فقد كسبت المنتظر | متلكئين عساك تفهم قصدهم | |
لا يأبهون بمن مضى او من حضر | يمضون من خلف المكاتب عنوة | |
أو يعظرون و لا حياء ولا حذر | يترشفون على المناضد قهوة | |
فتلوك شنقوما ولا تخشى الغير | أمّا التّي لا ترعوي عن غيّها | |
تحتاج للتركيز في صف الشعر | لا تقلقوها إنها في شغلها | |
من غير ميعاد عليها بالجذر | أو أنها حبلى و تخشى طارئا | |
منهنّ حزم ليس في جنس الذكر | مهما يكن هنّ اللّواتي ترتجي | |
يقضون حاجات وأشياء أخر | مستأنسون وبالهواتف همهم | |
تزهو بها بين البوادي و الحضر | كانت لنا فيما مضى منضومة | |
في كل شيء حاله يُبكى الحجر | واليوم آلت حالها مثل الذّي | |
وأنهار صرح شامخ ثمّ اندثر | من ثورة قلبت موازين القوى | |
واستنزقوا منها القوى و المدّخر | ساموا البلاد مذلة و مهانة | |
في جهلهم باع وفي العقل خور | ملؤوا الادارة بالرعاع ومن لهم | |
هيمان ما بين الثنايا و الحفر | أما الشباب ففي المهالك تائه | |
هجر الحِمى في ظنّه نال الظفر | ضاقت به الدنيا فملّ مقامه | |
كتبت له المنجاة في بحر وبرّ | لم تنته بلواه في منفاه لو | |
يبكي على وطن بقلب منكسر | الحزن فارق أهله متوجّعا | |
امّا الفقير فإنّه لا يعتبر | هذا زمان المولعين بمالهم | |
شعبي عجوز هزّها سيل فقالت عامنا صاباته درٌّ و بُرْ | ||
ياويلتي شعبي إذن مثلي انتحر | ضحكت غباء ثمّ صاحت هيت لك | |
في وطن تسامى شعبه منذ انتصر | نشتاق للزمن الذي عشناه | |
وتدارسوا من رأيه كل العبر | في عهد بورقيبة الكبار توافدوا | |
ونفاخر الدّنيا ولا نخشى الخطر | كنا نرى فيه المعاني كلّها | |
شاءت لها الأقدار شرّ المستقر | ما عاد يجدي القول إنّا أمة | |
ورمى الفساد جذوره بين البشر | هل من صلاح بعد أن عمّ البلا | |
حتى تمرّ العير من خرم الإبر | لن تستقيم الحال في أوطاننا | |
كل المنابر بالجوامع تذكر | أخلاقنا أمست شعارات على | |
يرتادها السّاعون أوقلت السحر | تلك الجوامع للصلاة مليئة | |
روّادها مثل الجراد المنتشر | وكذلك الحانات ضاق فضاؤها | |
ما يشهدون اليوم من خلف الغير | يتعايشون ولا يفرّق شملهم | |
لا توقظوه فإنّه يأبى السّهر | شعبي ينام وبالسعادة حالها | |
لو قطعوه ما تأذي أو ثأر | شعبي المسا لو لايحرك ساكنا | |
لا يشتكي مهما تولاه الضّرر | هم روضوه على المهانة صامتا | |
نحن الضحايا ذاك أمر قد صدر | حسموا الأمور و قرّروا ما قرّروا | |
بين الشعوب مسار للمنحدر مساره | لم يبق فيه الحس يوقظ عزمه | |
إنّما طلبنا منكم القدر اليسر | يا سادتي يا حاكمين رقابنا | |
حريّة و كرامة مثل البشر | ماذا يريد الشعب من حكامه | |
سبل الحياة على صفيح تنتظر | و الشغل للأجيال إذ ضاقت بها | |
فاستنزقونا و اعصروا ما يعتصر | ما غير هذا ننتغي يا سادتي | |
هيّا ارحلوا يا أوجه النّحس القذر | إنّا سئمنا حكمكم فكّوا العُرى | |
فمتى نراكم في جحيم مستعر | إنّا بكم ساءت بنا أحوالنا |