لئن مثل ما اصطلح على تسميته بعسكر الساحل محور الارتكاز في المشاركة التونسية في حرب القرم (1853 م – 1856 م)[1] و من هنا نفهم الدور الذي اتخذه هذا العسكر أثناء انطلاق انتفاضة 1864 م و نعني بذلك الامتناع عن معاضدة السلطة في سعيها لإخضاع المنتفضين من عروش القبائل، فإن ما يلفت النظر هو الأهمية العددية و النوعية خاصة لأبناء القلعة الكبرى في عسكر الساحل المشارك في هذه الحرب و انعكاس هذا التمايز النوعي على وحدة موقف عساكر الساحل من الانتفاضة بصفة مبكرة.
فما هو موقع عساكر الساحل عموما و أبناء القلعة الكبرى تحديدا في هذه المشاركة ؟ و ما هي الظروف التي تمت فيها هذه المشاركة ؟ و أخيرا ما هي التداعيات المترتبة عنها و سبب “انفراط عقدة” عساكر الساحل في انتفاضة 1864 م؟
- I. موقع عساكر الساحل و أبناء القلعة الكبرى تحديدا من المشاركة التونسية في حرب القرم
لا مجال هنا لذكر الأسباب التي دعت أحمد باي (حكم من 1837 م إلى 1855 م) للمشاركة في حرب القرم و التراجع عن سياسة “عدم الانقياد” لإبراز الطاعة و الولاء للسلطان العثماني[2] تلك الحرب التي اندلعت بين الامبراطورية الروسية من جهة و الامبراطورية العثمانية من جهة أخرى في 2 جويلية 1853 و أثمرت تحالفا فرنسيا بريطانيا مع العثمانيين انضمت إليه الامبراطورية النمساوية فيما بعد حيث تم إمضاء اتفاقية التحالف في 12 مارس 1854 بإسطنبول[3] لكن ما يجب التأكيد عليه هنا هو صعوبة الظرفية التي اتخذ فيها هذا القرار خاصة على المستوى المالي و البشري.
فعلى المستوى المالي كانت خزينة الدولة في وضع لا يحسد عليه ذلك أن العجز بدأ يظهر بها منذ فرار محمود بن عياد إلى فرنسا في 16 جوان 1852 م و ربما قبل هذا التاريخ حيث تشير دفاتر الأرشيف المتعلقة بمقبوض الدولة و مصاريفها[4] أن العجز بدأ يظهر منذ الفترة التي سبقت 1268 هـ (27 أكتوبر 1851 م – 14 أكتوبر 1852 م) و قد بلغت قيمة هذا العجز 589.102 ريال وهي قيمة مرتفعة مقارنة مع مداخيل الدولة في تلك الفترة فهي تمثل 11,39% من مقبوض الدولة لسنة 1268 هـ.
أما على المستوى البشري فإن الجيش النظامي الذي سعى أحمد باي إلى تكوينه إلى أن بلغ حوالي 26000 نفرا موزعين في 7 ألوية من عسكر المشاة (التريس) و 4 ألوية من عسكر الطبجية (المدفعية) و لواء من عسكر الخيالة[5]فقد آل أمر هذا الجيش إلى النقصان تحت ضغط الأزمة المالية التي تعاني منها الخزينة و كذلك بسبب التراجع الديمغرافي الذي شهدته الإيالة التونسية إثر حلول وباء الكوليرا بها إذ يقول صاحب الإتحاف : ” و اشتد حال هذا المرض في شعبان (1266 هـ)، و مات بسببه في الحاضرة أكثر من مائتين في اليوم”[6].
و على هذا الأساس وجد الباي صعوبة كبيرة في تجميع العساكر ذلك أن جانبا كبيرا من هؤلاء هم في حالة سراح فعلي لمدة تقارب السنة[7] هذا إضافة إلى الهاربين من الخدمة العسكرية و المتخلفين عنها، و قد شملت هذه الظاهرة مختلف أصناف العساكر فبالنسبة إلى عساكر المشاة المتكون من 7 ألوية و بالتالي من حوالي 21000 عسكري لم يعد أثناء إعداد العثة سوى 10487 جندي[8] و ما يلفت الانتباه محافظة عسكر الساحل على زاده البشري إذ يعد 4342 نفرا مقارنة مع بقية الألوية حيث بلغت ظاهرة الهروب و التخلف أقصاها بالآلاي الخامس بالقيروان إذ لم يعد سوى 940 نفرا أي أقل من ثلث الآلاي[9] و قد يكون هذا الالتزام الذي أبداه عساكر الساحل بالخدمة العسكرية في ظروف عسيرة هو الذي جعل أحمد باي يوجههم للمشاركة في حرب القرم إلى جانب جيوس الحلفاء فما هو موقع هذه العساكر من مجموع العساكر التونسية المشاركة في هذه الحرب ؟
لقد طمح أحمد باي إلى إرسال 14000 عسكري بسائر لوازمهم إلا أن صعوبة توفير المادة البشرية جعلته يقتصر على إرسال نصف هذا العدد واعدا الدولة العثمانية بإرسال النصف الثاني في أسرع الآجال كما جاء في رسالته الموجهة إلى سر عسكر باشا[10]، فما يجب التنبيه إليه هو أن البعثة العسكرية لم يتم إرسالها دفعة واحدة و إنما أرسلت على ثلاث دفعات : الدفعة الأولى و الثانية تمت في عهد أحمد باي الذي شرع في إعداد دفعة ثالثة إلا أنه توفي قبل إرسالها فقام خلفة محمد باي بإرسالها مع الشخص الذي وجهه إلى إسطنبول لجلب فرمان التولية و نعني بذلك محمد خزندار. غير أنه تبقى الدفعة الأولى هي الدفعة الأساسية في هذه المشاركة سواء كان ذلك من حيث عدد العساكر أو عدد الخيول أو حجم العتاد الحربي.
فانطلقت الدفعة الأولى من ميناء حلق الوادي في 22 جويلية 1854 م[11] لتضم 6194 فردا من المشاة ما بين ضباط و جنود و 500 فرد من الطبجية و 888 نفرا من عساكر البحرية[12] وهو أقصى ما أمكن للباي تجميعه طيلة أشهر عديدة سبقت تاريخ سفر العساكر حيث بدأ أحمد باي في تجميع هذه العساكر منذ شهر ماي[13] أما الدفعة الثانية فهي لا تعد سوى 90 شخصا[14] أراد أحمد باي إرسالهم في 2 مارس 1855 لإشعار العثمانيين أنه لازال على عهده في إرسال المزيد من العساكر و قد شرع فعلا في إحضار دفعة ثالثة أكثر أهمية كما و نوعا غير أن المنية عاجلته فحالت دون إنفاذها الأمر الذي أتمه خلفه محمد باي و تتركب هذه الدفعة من 1831 نفرا و 594 رأسا من الخيول[15] و قد خرجت من تونس فس 11 جويلية 1855 م صحبة محمد خزندار عامل الساحل آنذاك و المكلف بجلب فرمان التولية من السلطان العثماني.
و هكذا يكون مجموع العساكر التونسية الموفدة إلى حرب القرم 9503 ما بين جنود و ضباط فما هو موقع عساكر الساحل من مجموع العساكر الموفدة ؟
إذا ما استثنينا عساكر البحرية الذين بلغ عددهم 928 فرد حيث لم تتوفر لدينا معلومات عن انتماءاتهم الجغرافية، فقد بلغ مجموع المجندين في الآلاي الثاني من أصيلي الساحل 2684 جندي في حين بلغ مجموع المجندين بالآلاي الخامس من هؤلاء 1206 نفرا ليكون المجموع في عسكر المشاة فقط دون الخيالة و الآلاي الأول و الطبجية 3890 نفرا ما بين جنود و ضباط[16].
أما عن التوزيع الجغرافي لهؤلاء الجنود على منطقة الساحل فقد قمنا بإحصاء جنود الآلاي الثاني فتحصلنا على النتائج المبينة بالجدول التالي :
توزع جـنـود الآلاي الثاني حسب مدن و قرى الساحل[17]
المكان | مساكن | القلعة الكبيرة | المكنين | سوسة | المهدية | قصر هلال | البقالطة | جمال | المنستير | قصيبة المديوني |
عدد الجنود | 402 | 303 | 169 | 167 | 157 | 125 | 124 | 95 | 90 | 88 |
المكان | قصور الساف | القلعة الصغيرة | حمام سوسة | الوردانين | طبلبة | الساحلين | صيادة | منزل الحبيب | أكودة | الجم |
عدد الجنود | 87 | 78 | 74 | 70 | 64 | 51 | 48 | 36 | 36 | 35 |
المكان | بنبلة | بني حسان | هرقلة | طوزة | الشابة | بنان | قنطش | الزاوية | زرمدين | سيدي بوعلي |
عدد الجنود | 34 | 33 | 32 | 30 | 29 | 25 | 25 | 24 | 24 | 24 |
المكان | خنيس | سيدي عامر | معتمر | المسعدين | بوحجر | لمطة | بني ربيع | البرجين | الكنايس | منزل حرب |
عدد الجنود | 17 | 17 | 14 | 14 | 12 | 12 | 11 | 3 | 3 | 3 |
و لقد تميز دور الساحل لا في المشاركة بالجنود العاديين فقط و إنما أيضا بالنسبة لضباط الجيش على اختلاف أصنافها كما يبرز ذلك من خلال الجدول التالي[18].
توزع الضباط أصيلي الساحل المشاركين في حرب القرم حسب الرتب
بالنسبة لجميع أصناف الجيوش
الرتبة | العدد | مرادف الرتبة بالفرنسية |
أمير آلاي | 2 | Colonel |
قائم مقام | 1 | Lieutenant-Colonel |
آلاي أمين | 1 | Major |
بينباشي | 2 | Commandant |
صاغ قولا غاسي | 7 | Adjudant-major |
يوزباشي | 35 | Capitaine |
ملازم | 66 | Lieutenant |
صنجق دار | 1 | |
صول قولا غاسي | 21 | Adjudant |
باش شاوش | 27 | Sergent-major |
شاوش | 115 | Sergent |
بلوك أمين | 27 | Fourrier |
أونباشي | 171 | Caporal |
هذا بالنسبة إلى عساكر الساحل على وجه العموم أما إذا ما أردنا التدقيق فنلاحظ الأهمية العددية لأبناء القلعة الكبرى حيث تلي مساكن مباشرة و ساهمت بـ 303 من الجنود حسب ما يبرزه جدول توزع جنود الآلاي الثاني على مدن و قرى الساحل و يمكن لنا ذكر أسماء عائلات بعض الأنفار المساهمين في هذه الحرب من القلعة الكبرى حسب ما تبرزه المصادر[19] :
عياد و بلكحلة و ابن عبد الوهاب و ابن الحاج علي و المانع و بالطيب و بومعيزة و كحلون و ابن لطيفة و ابن عامر و صالح و الفرادي و الربيع و شوشان و سلامة و بن خالد و قدوار و ابن عائشة و الزواري و ابن جازية و شبح و بوفارس و ابن الصغير و قعيدة و بوبكر و ضريوة و الزرلي و ابن فرحات و القزاح و بوقطاية و الخشتالي و الزرقاطي و العامري و ابن عافية و قايد و خليفة و بلعيد و عبيد و سويلم و ابن عبد الملك و جاب الله و محجوب و عبودة و لكحل و سوسي و ابن حفصية و بو قديدة و بلعايبة و ابن حسين و ابن الحاج فرج و ابن ملاح و فتح الله و عمارة و ضيف الله و ابن مجدوبة و ونيس و الغناي و الشتيوي و ابن الحاج أحمد و دودش و قلالة و الزياني و ملاح و ابن كاملة و بوفايد و عجرود و قطاط و الدردوري و كليليب و ابن رمضان و شلالة و بالأكحل و زقام و الزاوي و ابن قليعة و عربية و الشاهد و ابن سالم و بوحجامة و ابن المؤدب و الحطاب و قلولو و ابن محمد و الوسلاتي و زميط و ابن نية.
هذا و لم تتميز القلعة الكبرى بالمشاركة العددية فقط و إنما تميزت أيضا بمشاركتها النوعية أي بأهمية عدد أبنائها من الضباط، فقد احتوت البعثة برمتها على ثلاثة ضباط برتبة أمير آلاي Colonelإثنين منهم من الساحل و أحدهم من القلعة الكبرى وهو حمودة بن علي بلعيد كما احتوت البعثة على ثلاثة ضباط برتبة قائم مقام Lieutenant-Colonel أحدهم من القلعة الكبرى وهو مَحمد بن سالم الشتيوي و احتوت البعثة على عشرة صاغ قول أغاسيةAdjudant – major ثمانية منهم من الساحل و خمسة من القلعة الكبرى وهم محمد بن علي بلعيد و ذكر أنه معين أمير الأمراء رشيد و الحاج محمد الحطاب و حسن بن أحمد عجرود و أحمد بن علي بن كرزية و الحاج محمد بن بوكر و جميعهم من الآلاي الثاني[20].
أما بالنسبة إلى الضباط الذين لهم رتبة يوزباشي Capitaine[21] فقد احتوت البعثة على 56 ضابطا من هذا الصنف 35 منهم من أصيلي الساحل و 9 منهم من القلعة الكبرى و هم عمار بن حسين و أحمد بن سالم سلامة و عمر بن عبد الله بوقطاية و محمد بن محمد الشتيوي و محمد بن محمد قايد و أحمد بن محمد دودش و سالم بن محمد بوحجامة و الحاج سالم بن ساسي و علي بن فرحات بومعيزة.[22]
كما ساهمت القلعة الكبرى بثلاثة عشر ملازما lieutenant من 66 ملازما من الساحل و 104 ملازما في الجملة و هؤلاء الملازمين من أبناء القلعة الكبرى هم :
عمار بن الحاج محمد عبودة و أحمد بن فرج و عمر بن علي بلعيد و حسين بن أحمد الصمعي و محمد بن عمار بوفايد و يوسف بن محمد عمامو و عامر بن محمد لطيفة و فرج بن حسين خليفة و خليفة بن عمر شبح و صالح بن محمد شبح و عمر بن محمد دودش و علي بن أحمد محجوب و حسن بن أحمد بن عبد الله[23] و على وجه المقارنة لا غير لم نحص سوى ستة ملازمية من مساكن و ثلاثة من أكودة و إثنين من جمال.
أما بالنسبة إلى صغار ضباط الصف و على عكس الأهمية العددية لكبار الضباط نلاحظ تواضع مساهمة أبناء القلعة الكبرى في هذه الفئة من الضباط مما يؤكد الأهمية النوعية للمشاركين من أبناء القلعة الكبرى و قرب هؤلاء من القيادة المركزية و مركز القرار داخل الجيش إن لم يمثلوا وجها من وجوه هذا القرار، فمن مجموع 47 ضابط صف برتبة باش شاوش Sergent major لم تساهم القلعة الكبرى إلا بأربعة ضباط وهم علي بن فرحات فرادي و محمد بن علي بوملاح و عمار بن محمد قلالة و أحمد بن محمد زميط[24].
أما بالنسبة إلى ضباط الصف برتبة شاوش Sergent فمن مجموع 96 ضابطا بهذه الرتبة لم تساهم القلعة الكبرى إلا باثنا عشر شاوش وهم على التوالي : عمار بن عمر بوفارس و فرج بن قاسم بومعيزة و فرج بن محمد عياد و محمد بن عمر و محمد بن أحمد الصمعي و حسين بن محمد كحلون و سالم بن الفقيه و منصور بن أحمد و محمد بن علي بن خالد و فرج بن محمد بن عامر و عمر بن علي جاب الله و علي بن محمد الشتيوي[25].
و بالنسبة إلى رتبة بلوك أمين Fourrier فمن مجموع 46 ضابط صف بهذه الرتبة أحصينا 7 من أبناء القلعة الكبرى وهم على التوالي محمد بن حسن بن عامر و شلبي بن حسن و علي بن محمد القزاح و التواتي بن علي و حمودة بن خليفة و محمد بن فرج سلامة و أحمد بن محمد بوفارس[26].
و أخيرا بالنسبة إلى ضباط أسفل الترتيب و نعني بذلك أونباشيCaporal[27] فقد اِحتوت البعثة العسكرية التونسية على 340 ضابطا من هذا الصنف منهم 26 ضابطا بهذه الرتبة من أبناء القلعة الكبرى وهم على التوالي : علي بن فرحات قدوار و الحاج حسن بن لطيفة و حمودة بن محمد شبح و أحمد بن قاسم الشتيوي و محمد بن حسن بن نية و أحمد بن فرج سلامة و علي بن محمد بن عيشة و علي بن الحاج حسن و أحمد بن محمد البوش و محمد بن عمر بن نية و سالم بن أحمد بودريقة و قاسم بن علي مليح و فرج بن عامر و عمار بن ساسي و سالم بن علي الزرلي و قاسم بن سالم كحلون و محمد بن فرج الخشتالي و محمد بن محمد عبيد و صالح بن الحاج الصغير و حسن بن فرحات عبيد و محمد بن حسن بوقطاية و محمد بن فرج قلولو و عمار بن محمد و حسن بن محمد و أحمد بن علي شوشان.[28]
فما يجب التأكيد عليه هو التميز النوعي و العددي لأبناء القلعة الكبرى في هذه البعثة لكن ما يجب التأكيد عليه أيضا الخلل الواضح بين عدد العساكر الموفدة و كميات التجهيزات التي أرفقت بها، فإذا ما استثنينا تجهيزات الأشغال العامة التي تعتبر محترمة نسبيا من حيث الكم فإن بقية اللوازم محدودة الكمية للغاية وهي دون عدد العساكر خاصة بالنسبة إلى اللباس فقد جاء في جرنال 13 رجب 1271 هـ / 1 أفريل 1855 م أن هذه العساكر توجهت بلباس صيفي و حملت معها بدلة شتوية وحيدة[29] كما أن نوعية هذا اللباس و نوعية لوازم الإقامة (الخيام و الأخبية) لا تتلائم و الظروف الطبيعية التي أقامت بها هذه العساكر فماذا عن طبيعة هذه الظروف؟
II ظروف المشاركة : صعبة و قاسية
يجوز لنا القول أن تواجد البعثة العسكرية التونسية في مناطق نائية ذات ظروف طبيعية قاسية إحدى العوامل التي ساعدت على تزايد المشاكل و تنوعها بالنسبة إلى عساكر لم تتوفر لها اسباب تحمل مثل تلك الظروف.
لقد أقامت العساكر التونسية بمنطقة باطوم التي تبتعد عن اسطنبول بما يزيد عن 800 كلم حيث استغرق المركب المنصور 80 ساعة و نصف الساعة ليقطع المسافة الفاصلة بين المدينتين، فتقع باطوم على أقصى الحدود الشمالية الشرقية للإمبراطورية العثمانية و توجد ” في أرض القرج وهي صغيرة و بها … مرسى حسنة و بعض طبخانات على ساحل البحر”[30]و لها مرتبة سنجق على المستوى الوظيفي.
أما على مستوى الموضع فقد أقيمت على سهل ساحلي ضيق تحيط به الجبال و الغابات الكثيفة تخترقها أودية ضيقة و عميقة[31]، إضافة إلى باطوم فقد أقامت العساكر التونسية بكل من خزر قلعة و شروكسوا و ساخوم (أكبر مدن الإبازة أو الجراكسة) و كمخال و شوكتيل[32] و بصفة عامة تعتبر هذه المناطق نائية و بعيدة لا تتوفر فيها المواد الغذائية و لا سائر ما تحتاج إليه هذه العساكر من لوازم فلقد جاء في جرنال الفريق رشيد إلى مصطفى خزندار بتاريخ 4 شعبان 1271 هـ (22 أفريل 1855) “إن مكان إقامتنا و الأماكن التي بنواحينا لم توجد فيه زوايل و لا أرزاق مثل أرز و دقيق أو شعير و غير ذلك من جليل الأشياء و حقيرها سوى ما يأتينا في البحر من ترابازان و غيرها لأن هذا المكان أرض قرج لم فيه بلدان و لا أسواق ما عدى بعض دشرات و ديار متفرقين في وسط الغابة و الجبال …”[33].
كما أن عزلة هذه المناطق تبرز أيضا على مستوى الاطلاع على مجريات الأحداث بإسطنبول و كذلك بمنطقة القرم حيث مجريات الحرب فلقد عبر الفريق رشيد عن ذلك في نفس الجرنال قائلا : “وليكن في شريف العلم إننا مقيمين في غابة منقطعة لم تأتينا بها أخبار ما عدى شيء قليل في بعض الأوقات من أخبار إسلامبول و أما سوى إسطوبلي (سيباستيبول) لن أتانا عنها خبر …”[34]
أما مناخ هذه المناطق تكثر فيه الرياح و العواصف الثلجية كما يتميز هذا المناخ بشدة رطوبته فتتهاطل الأمطار طيلة الصيف تقريبا و تتساقط الثلوج طيلة فصل الشتاء فلقد جاء في جرنال 12 محرم 1272 هـ (24 سبتمبر 1855 م) “هذا الأرض في مدة الشتاء لا ينقطع عنه صب الثلج و في مدة الصيف كله لا ينقطع صب المطر إذا ما كان في النهار يكون في الليل و في ايام أوسو كلها لم رأينا يوم طايب و فيه الشمس من اوله إلى آخره مثل بلادنا …”[35]. مما لا شك فيه أن مثل هذه الظروف ستزيد في حدة المشاكل التي ستعترض العساكر التونسية.
و يمكن تلخيص مجمل المشاكل التي تعرضت لها العساكر التونسية في ضعف الرواتب و شدة تباينها و صعوب التموين و النقص الشديد في التجهيزات الحياتية الضرورية و أخيرا سوء معاملة القيادات العسكرية العثمانية لهذه العساكر.
فالجندي العثماني يتقاضى 60 قرش بينما لا يتقاضى الجندي التونسي سوى 14 قرش و لذلك طالبت السلطات العسكرية العثمانية الفريق رشيد بالزيادة في رواتب الجنود التونسيين لتماثل رواتب الجنود العثمانيين[36] إلا أن أحمد باي رفض هذا الطلب متعللا بتمسكه “بعادة البلاد”، كما أن طلب الزيادة في الراتب لم يقتصر على القيادات العثمانية فقط و إنما صدر أيضا عن الضباط التونسيين حيث أمضى 3 صول قول أغاسية(Adjudant) و 22 يوزباشي (Capitaine) و 41 ملازم (Lieutenant) من الآلاي الثاني و 2 صال قول آغاسية و 7 يوزباشية و 10 ملازمين من الطبجية (المدفعية) على عريضة قدموها إلى الفريق رشيد عند إقامته بإسطنبول يطالبون فيها بالزيادة في الراتب و مما جاء في هذه العريضة :
” … و يليه يا سيدي اعلم رعاك الله إننا لما سافرنا من أرضنا و برنا و أهلنا جمعنا نصيبا من الدراهم لإقامتنا و لما بلغنا اسلامبول صرفناها عن حالنا من سلاح و كبابط و زيادة لبسنا و أنفاق الشهوة الدنيوية الجائزة شرعا و الآن انزلطنا و فرغنا و طال سفرنا و لم يبق لنا دراهم تقوم بنا و الراتب قليل عنا و عدم المعاملة و بعد برنا السفر الطويل يجب له الزاد الجميل و ها نحن رفعنا أمرنا إليك و شكينا كزنا و احتياجنا لديك أن تجعل لنا الراتب و الإقامة كعساكر سيدنا و مولانا السلطان نصره الله…”[37]
و من بين الموقعين على هذه العريضة و المنتمين إلى الآلاي الثاني نجد 2 صول قول آغاسية من أصيلي الساحل و هما حسن بن محمد حمزة من المهدية و محمد بن عمر قنفود من جمال و 16 يوزباشي من الساحل منهم 7 من القلعة الكبيرة و هم عمار بن حسن شوشان و أحمد بن سالم سلامة و عمار بن الحاج محمد عبودة و أحمد بن قاسم بن فرج و عمر بوقطاية و محمد بن أحمد بن عامر و قاسم بن عافية و 2 من سوسة وهما محمود بن عصمان آغا و محمد بن خليفة و 2 من المهدية و هما محمد بن أحمد المغربي و محمد صفر و يوزباشي من المكنين وهو أحمد بن مفتاح المشري و 2 من طبلبة و هما صالح بن شقية و صالح بن محمد شتيوي و يوزباشي من قصر هلال وهو محمد بلحاج علي الحساني و يوزباشي من مساكن وهو محمود غزال كما أمضى على هذه العريضة 34 ملازما من أصيلي الساحل منهم 6 من القلعة الكبرى و هم أحمد بن قاسم بن فرج و عمر بلعيد و فرج بن حسن خليفة و خليفة بن عمر شبح و عامر بن لطيفة و علي بن حسين الدردوريو تحديدا من قصور الساف و البقالطة و طبلبة و القلعة و قصر هلال و المكنين و المنستير و مساكن و لمطة و طوزة و بوحجر و سوسة و جمال و بنان و الشابة و المهدية و زرمدين و قنطش و حمام سوسة.
و ما يمكن استنتاجه من هذه العريضة أن العساكر أنفقت على نفسها فيما يخص اللباس و السلاح مما يؤكد قلة التجهيزات المتوفرة لديها، كما يجب أن نشير إلى أن رواتب العساكر تخضع إلى تراتبية حادة للغاية فراتب الفريق يساوي 2968 قرش بينما راتب النفر الواحد لا يتجاوز 14 قرش و هذه الرواتب على قلتها لم تصرف للعساكر بصفة منتظمة ليصل التأخير أحيانا 4 أشهر فقد جاء في رسالة وجهها المشير مصطفى باشا قائد العساكر العثمانية بباطوم إلى الفريق رشيد المقيم بإسطنبول آنذاك مخاطبا إياه : “…كما تسرع أيضا بإرسال مقدار من الآلاف كيسة من الدراهم حيث أن العساكر الشاهانية [السلطانية]الموجودين هنا قد صرفنا من معاشهم شهرا و شهرين و هؤلاء [العساكر التونسية] إلى الآن لم يصرف لهم و لا شهرا واحدا…”[38].
إضافة إلى مشكل الراتب تعرضت العساكر التونسية إلى مشكلة أخرى أشد خطورة وهي مسألة التموين، فأحمد باي وضع خطة للتموين الذاتي حيث أرسل محمد خزندار ليرتب الأوضاع بإسطنبول قبل سفر العساكر فتعاقد مع مجموعة من التجار “الجرابة” ليوفروا مؤونة العساكر و قد تم الاتفاق على أسعار هذه المؤونة و نوعيتها و أبرم مجموعة من العقود مع هؤلاء التجار لهذا الغرض[39]. غير أن هذه الخطة باءت بالفشل حيث ظهرت أولى بوادر العجز في توفير حاجيات العساكر و الخيول من المؤونة و العلف منذ منتصف جانفي 1855 م[40] و لما وصل الفريق رشيد إلى باطوم في 28 مارس 1855 م تيقن أن مشكل المؤونة مطروح بحدة و أن الصيغة المعتمدة في التموين غير مجدية فهي مكلفة من ناحية و لا تفي بالغرض من ناحية أخرى حيث لم يتمكن جماعة الاتفاق من توفير جميع حاجيات العساكر كما و نوعا و في كل الظروف لعدم توفر وسائل النقل، مما أدى إلى إلغاء هذه الخطة لفشلها حيث اتفق محمد خزندار عند قدومه ثانية إلى إسطنبول مع القيادات العثمانية بأن تتحصل العساكر التونسية على جميع حاجياتها من المؤونة و مواد التنظيف من الميري مباشرة و يدفع ثمن ذلك تدريجيا.
فقد جاء في رسالة وجهها المشير مصطفى باشا إلى الفريق رشيد : “… لقد تحقق لدينا ما تلاقونه من الصعوبات من طرف اللزامة في الحصول على ما يلزم العساكر التونسية الموجودين بطرفكم من المؤونة و سائر الأطعمة… و ما تتكبدونه أيضا من الخسائر من شراء بعضهم [أي التجار] لبعض الأشياء بغالي الأثمان لجهلهم الأسعار الرائجة بتلك الجهات … فمن المناسب أن تعطى لهم المؤونة و الأشياء اللازمة من الآن فصاعدا من عين الذخائر و الطعمة المخصصة للعساكر الشاهانية …”[41].
و لئن تمكنت العساكر التونسية من حل مشكل التموين و بالتالي الحد من الصعوبات التي اعترضتها في هذا المجال فإن هذه العساكر تعرضت لمشكل آخر دفعت ثمنه باهظا وهو النقص الشديد في التجهيزات الحياتية الضرورية مثل الملابس و الأخبية.
لقد توجهت العساكر إلى باطوم مرتدية ملابس الصيف و تحمل معها بدلة من ملابس الشتاء كما تقدم ذكر ذلك غير أن هذه البدلة ينقصها الكبابط[42]التي لم تصل إلى العساكر المقيمة بباطوم إلا بعد مرور شهر جانفي من سنة 1855 إلى درجة أن المشير مصطفى باشا راسل الفريق رشيد المقيم بإسطنبول في 15 جانفي 1855 م يحثه على توجيه هذه الملابس و مما جاء في هذه الرسالة “…إن العساكر المذكورة (أي القادمة من تونس) قد وقع منهم بالمرض نحو أربعمائة نفر من عساكر المشاة و من عساكر الفرقاطة و موجود فيهم أيضا قدر مائتين نفرا أخرى عليهم علامة المرض بسبب أنهم عرايابغير كبابيط…و الحاصل أن العساكر المذكورة قد أصبح حالهم يرثى له من عدم وجود ما يلزمهم من الكبابيط و الزرابي…”[43].
و هكذا يبدو أن شتاء 1854 م – 1855 م قضته العساكر التونسية في العراء معرضة للبرد الشديد محرومة من التجهيزات التي تقيها هذا البرد مثل الجوارب الصوفية[44] و قفازات الأيدي[45] و المفروشات[46] مقيمة في خيام و أخبية بالية مزقتها الرياح و لم تعد صالحة للاستعمال فقد جاء في جرنال وجهه الفريق رشيد إلى محمد باي في سبتمبر 1855 م ” … الأخبية كلها تقطعت لم يبقوا يصلحون لشيء لأن هذا المكان ليس هو مثل بلادنا و الخبا الذي يخدم في بلادنا عشرة أعوام بالله يجعله يخدم هنا ستة أشهر …”[47]
و لقد تواصل النقص الشديد في توفير الملابس لهذه العساكر حتى عند إقامة رشيد معها فمثلا بالنسبة إلى بدلة الصيف لسنة 1855 م نبه رشيد إلى ضرورة إرسالها منذ شهر مارس 1855 فلم تصل هذه البدلة إلا في أواخر شهر جويلية من نفس السنة و بقيت العساكر مرتدية “الكبابط” في فصل الصيف لتستر عورتها و أبدانها لأن بدلة الشتاء هي الأخرى تمزقت علاوة عن الأقمصة الصيفية فقد كتب رشيد قائلا للباي : “كبابط العسكر تقطعت لأنهم لابسينهم صيف و شتاء … و قد كانت في هذه الصائفة تقطعت كساوي العسكر و بقوا لابسين فوقهم الكبابطليسترون أنفسهم و الآن تقطعت لهم الكبابط من هجوم الشتاء …”[48].
فإضافة إلى قلتها فإن الملابس و المفروشات و الخيام و الأخبية لا تتلائم و طبيعة المنطقة ذات البرد القارص في الشتاء مما تسبب في انتشار المرض في صفوف العساكر، كما أن عدم وجود البدلات الكافية لدى العساكر جعل ملابسهم على غاية من الوسخ المفضي بدوره إلى انتشار العديد من الأمراض في صفوف هذه العساكر و ما ترتب عن هذه الأمراض من وفيات.
و لئن أعاد الجنرال رشيد هذه الوفيات إلى وخومة هواء المنطقة[49] فإن السبب الرئيس لهذه الوفيات و لهذا المرض عدم توفر الملابس الضرورية و الملائمة لطبيعة المنطقة و أكبر دليل على ذلك أن نسب الوفيات في صفوف الضباط[50]أقل مقارنة بنسب وفيات الجنود، حيث بلغت نسبة وفيات الجنود بالآلاي الثاني حوالي 43% في حين لم تتجاوز هذه النسبة فيما يخص الضباط 19,56% أما بالنسبة إلى الآلاي الخامس فقد بلغت نسبة وفيات الأنفار 32,12% و نسبة وفيات الضباط 13,67%[51] الأمر الذي يؤكد أن اختلاف الظروف الحياتية من ملابس و طعام هي المحددة في اختلاف نسب الوفيات لأن الظروف الطبيعية لا تستثني الضباط لتؤكد على الجنود.
فبالنسبة إلى المتوفين من أبناء القلعة الكبرى مثلا لم تسجل إلا ثلاثة وفايات في كبار الضباط وهم البينباشيCommandant محمد بن حسين بوفايد و قد توفي في 2 فيفري 1856 م دون ذكر المكان و كلا من اليوزباشي محمد بن أحمد بن عامر و قد توفي بترابازان في 13 ديسمبر 1855 م و اليوزباشي قاسم بن عمر بن عافية و قد توفي بباطوم في 28 ديسمبر 1855 م[52] و في مقابل ذلك سجلت وفاة واحدة برتبة باش شاوش وهو محمد بن محمد دودش الذي توفي بخزرقلعة في 19 سبتمبر 1855 م و 5 وفاياتبرتية شاوش Sergent وهم على التوالي : علي بن عامر الذي توفي بريزة في 2 نوفمبر 1855 م و محمد بن الحاج أحمد ضيف الله الذي توفي بباطوم في 7 ديسمبر 1855 م و محمد بن حسن و قد توفي بجركصوا في 28 جويلية 1855 م و محمد بن الحاج خليفة فرادي توفي بالعرضي[53] في 14 أكتوبر 1855 م و الشاوش عمر بن محمد الورجيني و قد توفي في 19 نوفمبر 1854 م دون ذكر مكان الوفاة.[54]
كما سجلت وفاة واحدة برتبة بلوك أمين Fourrier وهو سالم بن رمضان بوفارس توفي بشوكتيل في 21 جوان 1855 م ليرتفع عدد الوفايات إلى إحدى عشر حالة وفاة في رتبة أونباشيCaporal وهي الرتبة الدنيا في ضباط الصف و الأقرب للجنود على مستوى المباشرة اليومية و الأوضاع المعيشية من طعام و لباس و ظروف إيواء و يتمثل الأونباشية المتوفين من القلاعة في كل من محمد بن محمد كحلون توفي بالعرضي في 14 نوفمبر 1855 م و محمد بن علي غناي توفي بالعرضي أيضا في 12 أكتوبر 1855 م و سالم بن محمد عبيد توفي بالعرضي أيضا في 13 نوفمبر 1854 م و علي بن الحاج عمر بوقديدة توفي بباطوم في 1 فيفري 1856 م و محمد بن علي بن خالد توفي هو الآخر بباطوم في 4 نوفمبر 1855 م و علي بن قاسم بن نية توفي في نفس المكان في 24 نوفمبر من نفس السنة و محمد بن الحاج عمر ونيس توفي بالعرضي في 14 ديسمبر من نفس السنة و محمد بن عمار توفي بالعرضي أيضا في 12 نوفمبر من نفس السنة و في نفس السنة أيضا توفي بترابازان سالم بن محمد بن فاطمة في 14 ديسمبر و محمد بن حسن بن نية في 27 سبتمبر كما توفي فرج بن فرحات بن عائشة في خزرقلعة في 12 سبتمبر 1855 م[55].
فقد بلغ عدد المتوفين من ضباط الصف من أبناء القلعة الكبرى 21 ضابط صف من مجموع 100 حالة وفاة سجلت في أبناء القلعة الكبرى المشاركين في البعثة أي أن حوالي 4/5 المتوفين هم من الجنود مما يؤكد وقوف قلة الطعام و اللباس و المأوى الملائم خلف هذه الوفايات و أن الجنود هم الأكثر عرضة لهذه الأوضاع المزرية التي تذكرها المصادر بكل وضوح و فيما يلي قائمة الأنفار المتوفين من أبناء القلعة الكبرى كما تبرزه الجداول التالية :
قائمة الجنود المتوفين في البعثة من أبناء القلعة الكبرى
بالطابور الأول من الألاي الثاني[56]
الاسم و اللقب | مكان الوفاة | تاريخ الوفاة | ملاحظات |
عمار بن أحمد بن نية | العرضي | 10 صفر 1272 [22 أكتوبر 1855 م] | |
فرحات بن علي مانع | باطوم | 6 صفر 1272 [ 18 أكتوبر 1855 م] | |
حسن بن سالم سلامة | ريزة | 7 صفر 1272 [ 19 أكتوبر 1855 م] | |
محمد بن الحاج عاشور | لم يذكر | لم يذكر | |
المبروك بن محمد فرادي | ريزة | لم يذكر | |
عبد الرزاق بن علي بوقديدة | خزرقلعة | 8 محرم 1272 [ 21 سبتمبر 1855 م] | |
فرج بن منصور شواري | لم يذكر | 11 جمادى الأولى 1272 [ 19 جانفي 1856 م] | |
محمد بن خليفة بوسنينة | جركصوا | 13 قعدة 1271 [ 28 جويلية 1855 م] | |
صالح بن علي ضريوة | العرضي | 18 قعدة 1271 [ 2 أوت 1855 م] | |
صالح بن محمد المزوغي | باطوم | 14 ربيع الأول 1272 [ 25 نوفمبر 1855 م] | |
محمد بن محمد جاب الله | العرضي | 13 صفر 1272 [ 25 أكتوبر 1855 م] | |
محمد بن المبروك | لم يذكر | لم يذكر | |
عمار بن السويح بوسنينة | لم يذكر | لم يذكر | |
ساسي بن أحمد سويلم | خزرقلعة | 6 محرم 1272 [ 18 سبتمبر 1855 م] | |
أحمد بن الحاج محمد خليفة | خزرقلعة | 25 ذي الحجة 1271 [ 8 سبتمبر 1855 م] | |
محمد بن علي فيالة | ريزة | 3 ربيع الأول 1272 [ 13 ديسمبر 1855 م] | |
وناس بن فرج شواري | طرابازان | 3 جمادى الأولى 1272 [ 11 جانفي 1856 م] |
قائمة الجنود المتوفين في البعثة من أبناء القلعة الكبرى
بالطابور الثاني من الألاي الثاني[57]
الاسم و اللقب | مكان الوفاة | تاريخ الوفاة | ملاحظات |
أحمد بن صالح براهم | العرضي | 14صفر 1272 [26أكتوبر 1855 م] | |
فرحات بن حسن الدردوري | خزرقلعة | 3 صفر 1272 [ 15 أكتوبر 1855 م] | |
عبد الرحمان بن سالم بن جازية | العرضي | لم يذكر | |
الدهماني بن حسن بلعيد | لم يذكر | 27 جمادى الأولى 1271 [ 15 فيفري 1855 م] | |
حسن بن إبراهيم فرادي | جوركصوا | 18 شوال 1271 [ 4 جويلية 1855 م] | طنبورجي |
أحمد بن بوبكر العكروت | ريزة | 7صفر 1272 [ 19 أكتوبر 1855 م] | طنبورجي |
خليفة بن علي بن رمضان | لم يذكر | 8 جمادى الأولى 1272 [ 16 جانفي 1856 م] | |
علي بن أحمد عبيد | جوركصوا | 9 قعدة 1271 [ 24 جويلية 1855 م] | |
فرحات بن أحمد عبيد | خزرقلعة | 30محرم 1272 [ 12 أكتوبر 1855 م] | طنبورجي |
قائمة الجنود المتوفين في البعثة من أبناء القلعة الكبرى
بالطابور الثالث من الألاي الثاني[58]
الاسم و اللقب | مكان الوفاة | تاريخ الوفاة | ملاحظات |
حمودة بن حسن خليفة | لم يذكر | 13 حجة 1271 [9 أوت 1855 م] | |
علي بن محمد بن العايبة | العرضي | 20 صفر 1272 [ 1 نوفمبر 1855 م] | |
محمد بن حمودة بن الصغير | لم يذكر | لم يذكر | |
محمد بن فرج بن عامر | العرضي | 17 محرم 1272 [ 29سبتمبر 1855 م] | |
محمد بن علي عقير | خزرقلعة | 9ربيع الأول 1272 [ 19 ديسمبر 1855 م] | |
صالح بن محمد لكحل | باطوم | 16 شعبان 1271 [ 4 ماي 1855 م] | |
حمودة بن سالم فتح الله | العرضي | 3 ربيع الأول 1272 [ 12 نوفمبر 1855 م] | |
محمد بن علي المهداوي | طرابازان | 27 جمادى الأولى 1272 [ 4 فيفري 1856 م] | |
محمد بن رمضان بوفارس | خزرقلعة | 4محرم 1272 [ 16سبتمبر 1855 م] | |
حسين بن علي شوشان | باطوم | 21 صفر 1272 [ 2 نوفمبر 1855 م] | |
علي بن سالم حويشي | شوكوتيل | 24 رمضان 1271 [ 10 جوان 1855 ] | |
يوسف بن الحاج محمد حويشي | شوكوتيل | 24 شعبان 1271 [ 12 ماي 1855 م] | |
محمد بن أحمد قعيدة | باطوم | 28 ربيع الأول 1272 [ 7 جانفي 1856 م] | |
سالم بن محمد بن نية | لم يذكر | لم يذكر | |
فرحات بن فرج بن خالد | لم يذكر | 14 ربيع الثاني 1271 [ 4 جانفي 1855 م] | |
سالم بن محمد الورجيني | لم يذكر | 6 جمادى الأولى 1272 [ 14 جانفي 1856] | |
سالم بن محمد البوش | لم يذكر | لم يذكر | |
عبد الرزاق بن سالم بلعيد | خزرقلعة | 12 محرم 1272 [ 24 سبتمبر 1855 م] | |
أحمد بن فتح الله عمامو | جوركصوا | 28 قعدة 1271 [ 12 أوت 1855 م] | |
فرحات بن خليفة عبد الله | لم يذكر | 16 ربيع الأول 1272 [ 26 ديسمبر 1855 م] | |
العروسي بن فرحات بوقديدة | العرضي | 19 حجة 1271 [ 2 سبتمبر 1855 م] | |
سالم بن فرج بن لطيفة | العرضي | 12 محرم 1272 [ 24 سبتمبر 1855 م] | |
فرحات بن أحمد الصمعي | العرضي | 17 محرم 1272 [ 29 سبتمبر 1855 م] | |
محمد بن رمضان مانع | خزرقلعة | 29 محرم 1272 [ 11 أكتوبر 1855 م] | |
حسن بن فرج بن عافية | باطوم | 3 ربيع الثاني 1272 [ 13 ديسمبر 1855 م] | |
فرج بن سالم جاب الله | لم يذكر | لم يذكر | |
محمد بن قاسم جاب الله | باطوم | 10 ربيع الأول 1272 [ 20 نوفمبر 1855 م] | |
محمد بن عمار جاب الله | خزرقلعة | 10 حجة 1271 [ 24 أوت 1855 م] | |
علي بن محمد كداس | طرابازان | 6 ربيع الثاني 1272 [ 16 ديسمبر 1855 م] | |
حسن بن فرج ضيف الله | لم يذكر | 20 ربيع الثاني 1272 [ 30 ديسمبر 1855 م] | |
محمد ين الحاج علي زياني | العرضي | 24 رجب 1271 [ 12 أفريل 1855 م] | |
حمودة بن فرحات بوفارس | لم يذكر | 12 جمادى الأولى 1271 [ 21 جانفي 1855 م] | |
عثمان بن ساسي الخلفي | خزرقلعة | 17 حجة 1271 [ 10 سبتمبر 1855 م] | |
أحمد بن حمودة فرادي | العرضي | 5 ربيع الثاني 1272 [ 15 ديسمبر 1855 م] | |
محمد بن فرج بن عمر | لم يذكر | 5 شعبان 1272 [ 11 أفريل 1856 م] | |
محمد بن علي فرادي | 16 قعدة 1271 [ 31 جويلية 1855 م] | وجد قتيلا بالغابة | |
عبد الله بن محمد بن سديرة | خزرقلعة | 10 حجة 1271 [ 24 أوت 1855 م] | |
فرج بن سالم عبيد | ريزة | 7 صفر 1272 [ 19 أكتوبر 1855 م] | |
صالح بن الحاج فرج بن الكحلة | خزرقلعة | 4 قعدة 1271 [ 19 جويلية 1855 م] | طنبورجي |
عمر بن سالم شوشان | العرضي | 14 صفر 1272 [ 26 أكتوبر 1855 م] | |
فرج بن قاسم قدوار | العرضي | 30 صفر 1272 [ 11 نوفمبر 1855 م] | |
صالح بن ساسي سلامة | لم يذكر | 17 جمادى الأولى 1272 [ 25 جانفي 1856 م] | |
محمد بن عمر شوشان | ريزة | 27 صفر 1272 [ 8 نوفمبر 1855 م] | |
محمد بن احمد بودريقة | خزرقلعة | 16 شوال 1271 [ 2 جويلية 1855 م] |
قائمة الجنود المتوفين في البعثة من أبناء القلعة الكبرى
بالألاي الخامس[59]
الاسم و اللقب | مكان الوفاة | تاريخ الوفاة | ملاحظات |
محمد بن حسين بن خليفة | ريزة | 18 حجة 1271 [1 سبتمبر 1855 م] | |
محمد بن سالم عمامو | خزرقلعة | 20 حجة 1271 [ 3 سبتمبر 1855 م] | |
سالم بن فرج المليح | باطوم | 15 محرم 1272 [27 سبتمبر 1855 م] | |
صالح بن أحمد بن الحاج عمار | العرضي | 18ربيع الأول 1272 [ 22نوفمبر 1855 م] | |
فرج بن فرج العقاب | ياطوم | 26 جمادى الأولى 1272 [ 3 فيفري 1856 م] | |
عمر بن حسن بوفايد | طرابازان | 1 ربيع الثاني 1272 [11 ديسمبر 1855 م] | |
أحمد بن محمد بن رمضان | باطوم | 27 صفر 1272 [8 نوفمبر 1855 م] | |
محمد بن حسن ضيف الله | خزرقلعة | 6 محرم 1272 [ 18سبتمبر 1855 م] | |
حسين بن قاسم قعيدة | خزرقلعة | 6 رمضان 1271 [22 ماي 1855 م] |
فكما هو ملاحظ أن المصادر ضبطت لنا تاريخ و مكان الوفاة في معظم الأحيان غير أنه في بعض الأحيان يقع الاكتفاء بذكر الوفاة دون ذكر المكان و التاريخ أو ذكر التاريخ دون المكان أو العكس مما يؤكد حالة التشرذم و عدم الضبط التي صارت إليها هذه العساكر خاصة بعد أن فقد الفريق رشيد علوية النظر عليها بصفة فعلية و أصبحت تحت تصرف الضباط العثمانيين مما ضاعف من مشاكلها.
فلئن كانت المشاكل التي ذكرنا تعود في جانب كبير منها إلى تقصير الباي في حق هذه العساكر حيث لم يوفر لهم التجهيزات الضرورية فإن بعض المشاكل تعود إلى القيادات العسكرية العثمانية التي أساءت معاملة العساكر التونسية فسخرتها للقيام بالأعمال الشاقة و المذلة التي تمتنع عن القيام بها العساكر العثمانية فوفق “التنظيمات” فإن العساكر العثمانية لا تقوم إلا بالمحاربة و عدى ذلك من أعمال البناء أو الشحن أو غيرها يقع الاكتراء عليها أو تقوم بها العساكر بمقابل مادي يضاف إلى رواتبها لذلك عمدت القيادات العسكرية العثمانية إلى استغلال العساكر التونسية في تفريغ الأرزاق و المؤن من المراكب و جرها إلى أماكن الخزن و شحنها في مراكب أخرى و تفريغ الفحم الحجري من المراكب إلى البر و شحن بعض المراكب بما تحتاج إليه من هذه المادة و جمع الحطب و بناء الباصكات (مقر سكنى العساكر) و الحصون و الاستحكامات و غيره من أنواع الخدمات كل ذلك سخرة و مجانا في حين تعفى العساكر العثمانية من القيام بمثل هذه الأعمال.
و قد عمد القادة العسكريون العثمانيون إلى استغلال العساكر التونسية في مثل هذه الأشغال لتوفير المال الذي يقدم لهم كمقابل لهذه الخدمات كما عمدوا إلى أخذ ثمن الحطب المقدم في تعيينات العساكر من البايليك و الحال أنهم يسخرون العساكر التونسية لجمع هذا الحطب فقد جاء في رسالة وجهها رشيد إلى الباي قائلا : “… و من الجملة إنني كنت اطلعت على نصيب من الترتيب و الخدمات العسكرية في كتب العرب و كتب التركي و كتب الفرنسيس و غيرها فالآن مدة عام و سبعة أشهر بهذا العرضي [المعسكر] لم وقفت فيهم على كلمة و لا خدمة من ذلك عند هؤلاء الناس و لا وجدت دأبهم و غرضهم إلا فيما يحصل لهم من الترتيبات و تعيين المونات و ما يقع في أيديهم من الربح و كثر إخراج المصاريف على الدولة لا غير فالله تعالى ينقذنا منهم و يخلصنا على أحسن الحالات…”[60] ليختم قائلا حول وضعية العساكر و ما كابدته من سوء معاملة : “… حاصله أن جميع ما قررته للسيادة كله بعض ما نحن فيه من المقاساة مع هؤلاء الناس وهو كافي و إلا الكلام لا يسعه الكاغظ و لا يحيط به القلم.”[61].
هذه إذا الظروف التي دارت فيها المشاركة التونسية في حرب القرم و مما لا شك فيه أن مثل هذه الظروف ستكون لها تأثيرات عميقة على الجنود المشاركين و نخص بالذكر منهم عساكر الساحل عموما و القلعة الكبرى تحديدا حيث يمثلون الجزء الهام من عساكر المشاة في هذه البعثة، فلهذه الأسباب مجتمعة توفي في ظرف أربعة أشهر 58 نفرا أي أكثر من عشرة أنفار شهريا من أبناء القلعة الكبرى مما يعكس مدى الكارثة التي أحيطت بهؤلاء العساكر وهم أول من يشعر بعمق هذه المأساة و بمسؤولية الباي بالدرجة الأولى عن هذه المأساة لذلك سيعمدون إلى تصفية الحساب معه في أول فرصة تلوح لهم.
IIIتداعيات المشاركة : نياشين و عصيان و محرقة جبائية
عادت البعثة الرسمية إلى أرض الوطن مصاحبة لما تبقى معها من العساكر و الضباط في 1 ذي الحجة 1272 / 3 أوت 1856 م بعد أن أقامت استعراضا رسميا أمام السلطان العثماني في رمضان 1272 هـ (ماي – جوان 1856 م) الذي قدم لها “نواشين افتخارات الحرب المجيدية”، فمن مجموع 2764 عسكريا عائدا ضمن البعثة الرسمية لم يتعدّ عدد أبناء القلعة الكبرى 82 فردا من عساكر و ضباط يتقدمهم القائم مقام Lieutenant – Colonel محمد بن سالم الشتيوي و كلا من اليوزباشي Capitaine أحمد بن سالم سلامة و محمد بن محمد قايد و عمار بن حسين و كلا من الملازمLieutenant يوسف بن محمد عمامو و عمار بن الحاج محمد عبودة و علي بن أحمد المحجوب و كذلك صاغ قول أغاسيAdjudant – major أحمد بن علي و الذي توجه للحج و توفي هناك و الباش شاوش Sergent – major علي بن فرحات و كلا من الشاوش Sergent عمر بن علي جاب الله و فرج بن محمد عياد و فرج بن قاسم بومعيزة و محمد بن علي بن خالد و عمار بوفارس و حسين بن علي كحلون و كلا من الأونباشيCaporal الحاج حسن بن علي بن لطيفة و فرج بن عبد الله بن عامر و محمد بن حسن بوقطاية و حمودة بن هرشم و قاسم بن علي مليح و عمار الساحلي و سالم بن عمر الزرلي و محمد بن فرج الخشتالي و علي بن سالم العامري و علي بن محمد بن عائشة.
لقد عاد هؤلاء الضباط مع ثلاثة و خمسين نفرا من العساكر المثبتين في هذه القائمة.
قائمة العساكر من أبناء القلعة الكبرى العائدين ضمن البعثة الرسمية في أوت 1856 م[62]
فرحات بن أحمد بلكحلة | فرج بن عبد الوهاب | الحاج الهذيلي بن الحاج علي |
قاسم بن علي مانع | حسن بن علي بالطيب | محمد بن حسن شوشان |
أحمد بن علي صالح | سالم بن محمد بن عثمان الفرادي | عمر بن محمود |
محمد بن بلقاسم الربيع | عبد الله بن فرج شوشان | حسن بن فتح الله |
عثمان بن فرحات قدوار | سالم بن محمد سلامة | فرحات بن الحاج أحمد بن عائشة |
أحمد بن عمار الزواري | محمد بن الحاج سالم بن جازية | فرج بن حسين شبح |
حسن بن حسونة ضريوة | حسونة بن فرج بن الصغير | علي بن أحمد بوبكر |
حسن بن أحمد قعيدة | يوسف بن عبد الله بن الرجب | محمد بن الحاج أحمد بن عمر |
سالم بن محمد العابد | ساسي بن فرج الزرقاطي | حسن بن الحاج سالم[63] |
محمد بن حسونة ضريوة | صالح بن سالم بوفارس | محمد بن أحمد بلعيد |
محمد بن حسين بن عامر | محمد بن عبد الرحمان قعيد | حسن بن محمد عبيد |
العياشي بن الحاج محمد ضريوة | علي بن محمد سويلم | علي بن مبروك بن عامر |
علي بن علي خنيش | قاسم بن عبد الملك | محمد بن علي جاب الله |
حسين بن علي شوشان | الصغير بن الصغير محجوب | عبد الرزاق بن محمد بوفارس |
سالم بن حسين بن الأكحل | فرج بن محمد بن حفصية | علي الحاج صالح جاب الله |
محمد بن فرج السوسي | حسن بن محمد بوقديدة | فرج بن عمار المانع |
ساسي بن محمد شوشان | صالح بن سعيد بلعايبة | محمد بن فرحات بوفارس |
محمد بن أحمد بن فرج | علي بن محمد بن ملاح |
هذا يعني أن عدد العائدين إلى تونس على أساس أنهم من السواقط و المرضى قبل البعثة الرسمية يبلغ عددهم 122 نفرا من أبناء القلعة الكبرى فقد عمد الفريق رشيد إلى انسحاب غير مشرف لهذه العساكر بادعاء المرض و السقوط و ترحيلهم إلى البلاد التونسية الدفعة تلو الأخرى و قد وافقه الوزير مصطفى خزندار على هذه الخطة للضغط على المصاريف التي ترتبها القيادات العثمانية على خزانة الباي فقد جاء في رسالة موجهة من الفريق رشيد إلى مصطفى خزندار بتاريخ 9 رجب 1272 / 2 مارس 1856 م “و ما أذنتنا من عمل الجهد في إرسال المرضى و الضعفاء من العساكر الذين لا فائدة في مقامهم إلا المصروف و السيد عصمان أمير لواء بإسلامبول لأجل ما يرد عليه منهم علمناه و نحن من ذلك على بصيرة”[64] فتم ترحيل هذه العساكر على دفعات متتالية و تحت أعذار و علل مختلفة من 20 ذي القعدة 1271 (4 أوت 1855 م) إلى 19 شعبان 1272 (25 أفريل 1856 م) و قد بلغ عدد هذه الدفعات تسعة دفعات متتالية و فيما يلي أسماء الأنفار و الضباط العائدين إلى تونس على أساس الضعف و المرض.
قائمة الأنفار و الضباط العائدين إلى تونس على أساس الضعف و المرض قبل عودة البعثة الرسمية[65]
الآلاي الثاني | ||||
حمودة بن محمد بن نية | محمد بن منصور عمارة | أحمد بن رجب الوسلاتي | ||
محمد بن أحمد شبح | عمر بن علي لطيفة | الشاوش على بن حسين الشتيوي | ||
محمد بن بوبكر العكروت | مبروك بن عبد الرحمان قعيدة | طنبورجي فرج بن حسين بن الأسير | ||
عمر بن الحاج علي ضيف الله | فرحات بن سعيد كحلون | فرحات بن حسين سويلم | ||
فرج بن أحمد كحلة | قاسم بن محمد خليفة | عمار بن يوسف بن مجدوبة | ||
عامر بن خليفة | محمد بن احمد ونيس | محمد بن محمد الغناي | ||
فرحات بن علي بن نية | يوسف بن محمد الزواري | أحمد بن رمضان | ||
الشاوش محمد بن عمر بن حسن | أونباشي أحمد بن قاسم الشتيوي | أونباشي صالح بن الحاج أحمد | ||
أونباشي حسن بن فرحات عبيد | يوزباشي أحمد بن محمد دودش | علي بن عمار الزواري | ||
محمد بن حسين سلامة | عمار بن علي بوقديدة | خليفة بن علي قلالة | ||
أونباشي أحمد بن فرج سلامة | بلوك أمين شلبي بن حسن | أحمد بن حسين حميدة | ||
حسن بن خليفة الزياني | أونباشي محمد بن أحمد البوش | باش شاوش محمد بن علي ملاح | ||
بلوك أمين تواتيبن علي عوني | أحمد بن علي بن أحمد بو توتة | شاوش عمر بن محمد الزواري | ||
علي بن احمد ضريوة | سعيد بن أحمد بن كاملة | محمد بن أحمد سويلم | ||
الملازم عمر بلعيد | أونباشي فرحات بن أحمد شوشان | عبد الرحمان خليفة | ||
عمار بن محمد الزرقاطي | علي بن حمودة بن نية | الملازم محمد بن عمار بوفايد | ||
عمر بن محمد بن عمارة | حسين بن محمد بن سالم | محمد بن الصغير | ||
سالم بن محمد | عمر المثلوثي | محمد بلكحلة | ||
فرحات بن قاسم الشتيوي | أونباشي أحمد بن محمد الحمروني | أحمد بن علي كحلون | ||
محمد بن علي خليفة | أونباشي بشير بن محمد | الملازم احمد بن فرج | ||
بلوك أمين محمد بن حسين بن عامر | ملازم فرج خليفة | محمد بن سعد | ||
صاغ قلاصي حسن عجرود | محمد بن علي المانع | الملازم خليفة الشيخ | ||
محمد بن محمد بن عامر | فرج بن علي مانع | أونباشي سالم بودونية | ||
أحمد بن الحاج حمد ضيف الله | علي بن سالم فرادي | حمودة بن حسين | ||
قاسم قطاط | علي بن علي | الشاوش محمد بن أحمد الصمعي | ||
محمد بن حسن صميدة | يوزباشي محمد بن محمد الشتيوي | محمد بن عمار بوفايد | ||
بلوك أمين محمد بوفارس | يوزباشي عمر بوقطاية | الملازم حسين بن محمد الصمعي | ||
الملازم علي بن حسين الدردوري | أونباشي علي بن فرحات قدوار | عمر بن محمد كليليب | ||
الملازم عامر بن محمد بن لطيفة | علي بن محمد خليفة | علي بن عمر التواتي | ||
علي بن سالم بن رمضان | فرحات بن حسين قلالة | حسن بن الحاج قاسم عبيد | ||
فرحات بن الحاج فرج باللكحل | الشاوش سالم بن العجمي | الشاوش منصور بن أحمد صالح | ||
اونباشي حسن بن علي بن الحاج | حسين بن عثمان بالكحلة | باش شاوش عمار بن محمد شلالة | ||
عامر بن إبراهيم خنيشش | أحمد بن قاسم الزاوي | صالح بن محمد زقام | ||
طنبورجي علي بن عثمان عبيد | أحمد بن فرج بن عامر | ساسي بن محمد بن قليعة | ||
عمار بن احمد بلعيد | علي بن محمد ضيف الله | الحاج محمد بن سالم سلامة | ||
محمد بن الحاج عمر عربية | عمار بن علي بن الشاهد | صالح بن محمد فرادي | ||
فرج بن علي بن سالم | أحمد بن محمد ملاح | حمودة بن علي فتح الله | ||
الآلاي الخامس | ||||
علي بن الحاج فرج دردور | فرحات بن ساسي خليفي | عمار بن ساسي بن المؤدب | ||
يوزباشي سالم بن محمد بوحجامة | أونباشي محمد بن فرج قلولو | يوسف القزاح | ||
أونباشي حمودة بن الأسير | الملازم حسن بوعبيد | الأمير آلاي حمودة بلعيد | ||
الملازم عمر بن محمد دودش | ||||
هذا و قد ضبطت المصادر أصناف النواشن التي قدمت إلى كبار الضباط في اسلامبول وهي على النحو التالي :
– نيشان افتخار مجيدي من الصنف الرابع إلى كل من الأمير آلاي Colonel حمودة بلعيد و القائم مقام Lieutenant – Colonel محمد الشتيوي.
– نيشان افتخار مجيدي من الصنف الخامس إلى كل من صاغ قول أغاسيAdjudant Major محمد الحطاب و محمد بن علي بلعيد و حسن عجرود.
كما قدم الصادق باي نيشان افتخار من الصنف الثاني إلى القائم مقام محمد بن سالم الشتيوي و من الصنف الرابع إلى الصاغ قول أغاسي محمد بن علي بلعيد و ذلك في 20 ذي الحجة 1272 [22 أوت 1856 م].[66]
و على الرغم من هذا التشريف و التكريم و الزيادة في الراتب بنصف ريال فإن أبناء الساحل عامة و أبناء القلعة الكبرى على وجه الخصوص لا يمكن لهم نسيان ما لحقهم من أذى في هذه البعثة بهكذانواشين كما لا يمكن لهم القبول بما لحق أهاليهم من انعكاسات هذه البعثة و لعل من أهمها فرض ضريبة “الإعانة” في 1856 م وهي ضريبة على الرؤوس مثل الجزية مع استثناء ابناء سوسة و المنستير من عمل الساحل إضافة إلى تونس و صفاقس و القيروان، فتضاف الجباية الثقيلة و المذلة إلى أعباء التجنيد و الخدمة العسكرية مما جعل الضيم يتراكم على مر السنين لينتظر القادح الذي يشعل الشرارة و كان ذلك في 1864 م عند تضعيف الإعانة و رفع الاستثناء عن المدن المعفاة سابقا في الوقت الذي كان الجميع ينتظر التراجع عنها باعتبارها ضريبة استثنائية في رمزيتها و في مدتها و تسميتها تؤكد هذا الاستثناء فكان التضعيف القطرة التي أفاضت الكأس فرفضت جميع بلدان و قرى الساحل إخراج العساكر لمعاضدة الباي في قمع القبائل المتمردة معلنة بذلك العصيان و التمرد.
كانت منطقة الساحل و لمدة طويلة من الزمن من أكثر المناطق طواعية للباي و ربما يعود ذلك لاستقرار السكان و انبساط المنطقة و حاجتها للحماية من بدو ظهيرها (أولاد سعيد و جلاص و المثاليث و السواسي) الذين قد يهددون غابات زياتينها، فهذه المنطقة بقيت و لمدة طويلة نسبيا المزود الرئيس لخزانة الباي من جباية دون تلكأ أو عصيان، كما مثلت هذه المنطقة المزود الرئيس للجيش النظامي بالجنود حتى أثناء الظروف المالية الصعبة التي تمر بها الدولة، فما هو الداعي إلى تغير موقفها من السلطة المركزية في سنة 1864 م ؟
مما لا شك فيه أن قرار تضعيف الإعانة[67] من قبل محمد الصادق باي يشمل كل السكان بما في ذلك العساكر الذين وقع تسريحهم إثر عودتهم من حرب القرم[68] و أن شدة وطأة هذه الجباية كافية لإعلان العصيان، لكن أن يكون هذا العصيان عاما لجميع السكان جامعا لجميع القرى و المدن دون استثناء – في بادئ الأمر على الأقل- فذلك يستوجب التوقف و التساؤل!
لقد ذكر ابن أبي الضياف أن سبب عدم التحاق عساكر الساحل بحاضرة تونس أثناء ثورة 1864 م هو خوف اهل الساحل من البدو الذين توعدوهم بحرق زيتونهم و أشجارهم و نهب ممتلكاتهم و استباحتها إذا ما سرحوا العسكر لإعانة الدولة على حربهم[69]، لكن ما نستنتجه من تسلسل الأحداث و شمولية العصيان[70] أن أهل الساحل و خاصة عساكر الساحل تحركوا من موقع المعاناة لا مكن موقع الخوف و أن مطالبهم لم تقف عند إلغاء قرار تضعيف الإعانة لتتجاوزه إلى مطالب أخرى تتصل بالسيادة على الوطن فمما قاله أهل سوسة لوزير الحرب محمد خزندار لما قدم إلى الساحل لجمع العساكر : “أنتم أعطيتم بلادنا للنصارى … فأعطينا مفاتيح بلادنا و مفاتيح خزنة سلاحنا و بارودنا …”[71] و نجد في هذا الموقف إشارة وثيقة إلى عهد الأمان الذي أصدره محمد باي و الذي يعد هو الآخر أحد النتائج المباشرة للمشاركة التونسية في حرب القرم إذ يعتبر ذلك العهد متمما لما جاء في معاهدة باريس التي وضعت حدا لحرب القرم في مارس 1856 م[72]، لقد حملت هذه المطالب بذور وعي جديد قد يكون نتيجة لاحتكاك عساكر الساحل بغيرها من العساكر في كل من إسطنبول و منطقة باطوم و لاطلاعها على الحقوق التي تتمتع بها عساكر بقية الدول بما في ذلك العساكر العثمانية في الوقت الذي عانت فيه عساكر الساحل كبقية العساكر التونسية الويلات من جوع و عراء و مرض و وفيات كما تقدم.
و مرد هذه الويلات عدم مسؤولية الباي و عبثية قراراته التي لا تأخذ في الاعتبار سوى مصلحته الذاتية لا غير، فكانت عساكر الساحل ضحية هذا العبث فمن مجموع 3890 عسكري أصيلي الساحل الذين توجهوا إلى البحر الأسود[73] توفي اكثر من ثلثهم هناك و تحديدا 1396 شخص فيما عاد الجانب المتبقي منهم على حالة من الضعف و السقوط و المرض ليكافئهم الباي بزيادة في الراتب مقدارها ½ ريال !
إن الحمل ازداد ثقلا على مر السنين و الساحل يئن تحت وطأة الجباية و قساوة التجنيد إلى أن توفرت الفرصة الملائمة لتصفية الحسابات مع حكومة الباي فاتفق جميع أهل الساحل على ألا يتركوا الفرصة تمر فكان العصيان عند اشتداد حاجة الباي إليهم، و قد كان هذا العصيان على درجة كبيرة من الوعي و الانضباط حيث لم يقع التعرض إلى ممثلي الباي الذين أوفدهم لجلب العساكر بأي سوء يذكر على عكس ما وقع في صفاقس مثلا فقد ذكر ابن أبي الضياف أن أهل صفاقس أطردوا “موفد الباي إليهم أمير اللواء عثمان هاشم فالتجأ إلى سوسة و بقي بها دون أن يمس بسوء”[74]، و يعكس هذا الانضباط مدى وعي القائمين على هذا العصيان من عساكر و ضباط و قد كان حضور هؤلاء الضباط بكثافة فبالنسبة لمدينة مساكن فقط نلاحظ مشاركة ضابطين برتبة قائم مقام (Lieutenant-Colonel) و هما محمد ميلاد بن عمر و علي بن عمر و ضابط برتبة آلاي امين (major) وهو محمد قشيش و ضابط برتبة بينباشي(Commandant) وهو غزال بلحاج محمد و خمسة ضباط برتبة يوزباشي (Capitaine) وهم الحاج محمد بن تركية و محمد دهمول و حسين مريح و علي بوجبيهة و محمد العيوني و ضابط برتبة ملازم (lieutenant) وهو محمد المحجوب.[75]
قد يكون هذا الوعي و هذا الانضباط و هذا الحضور المكثف للضباط هو الذي جعل الفريق رشيد عندما وجهه الباي لاستقدام العسكر يستعمل اللين رغم ما أبدوه من عصيان لأوامر الباي إن لم نقل يتعاطف مع هؤلاء العساكر فلم يبد الحزم المطلوب لتنفيذ أوامر الباي مما جعل هذا الأخير يحقد عليه منذ ذلك التاريخ و على عكس هذا الانضباط كان رد فعل الباي على غاية من التوتر إلى درجة العسف الشديد[76] و قد شمل هذا العسف الأهالي و كذلك مختلف الفئات الاجتماعية لاسيما الثرية كما شمل أيضا كبار ضباط الجيش حيث أخضع أحمد زروق هؤلاء الضباط إلى خطايا استثنائية تعبر عن حجم المحرقة.
غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما سبب انفراط عقدة أهل الساحل ؟ و تحديدا لماذا كانت القلعة الكبرى أولى قرى الساحل التي أعادت تموقعها خلف الباي و الانضمام إلى محلة أحمد زروق عند وصوله إلى هرقلة ؟
لا أعتقد ان المسألة فيها مؤامرة أو خيانة فلو عدنا إلى يوميات الانتفاضة[77] لوقفنا على الحقائق التالية التي تفسر مثل هذا الموقف، فإلى منتصف جويلية 1864 جميع أهل الساحل على نفس الموقف وهو الامتناع عن معاضدة الباي في معركته مع العروش المنتفضة و الرافضة لتضعيف الإعانة مع تشديد الطلب في التراجع عن هذه الإجراءات الجبائية المجحفة إضافة إلى مطالب أخرى متناثرة هنا و هناك غير أساسية فالمطلب الرئيس هو التراجع عن تضعيف الإعانة أي العودة إلى 36 ريال و الإبقاء على الاستثناء كما في السابق.
في أثناء ذلك شرع الباي في تجهيز محلة عسكرية تقليدية أي تغلب عليها التشكيلات شبه العسكرية و نعني بذلك عسكر زواوة و فرسان بعض القبائل التي ظلت على ولائها للباي أو راجعت الطاعة مثل دريد بقيادة إبراهيم بن عباس و أولاد سعيد بقيادة محمد بلواعر و بالتوازي مع هذا الاستعداد العسكري تم إطلاق مسار تفاوضي عبر مجموعة من الوسطاء لا سيما من الصلحاء مثل أحمد بن عبد الوارث و مصطفى بن عزوز و عبد الملك الحمادي من أولاد عون و غيرهم.
أثمرت هذه الوساطات جنوح علي بن غذاهم إلى الصلح في 11 جويلية 1864 و في 23 جويلية من نفس السنة يوجه علي بن غذاهم رسالة إلى الباي يطلب العفو و الأمان مع بعض المطالب المادية لخاصة نفسه، لكن الذي يهمنا هنا أن مجرد جنوح علي بن غذاهم إلى التفاوض أربك العديد من الأطراف و بدأت تراجع حساباتها و من هذه الأطراف قبيلة جلاص و أبناء القلعة الكبرى و غيرها من قرى الساحل بما في ذلك مساكن التي قبلت العودة إلى الطاعة في 22 سبتمبر 1864 ثم تراجعت عن ذلك فيما بعد.
فهذا التفاوض من جهة و خبرة التعامل مع العروش من جهة أخرى و التيقن من عدم ثبات مواقفها جعل أبناء القلعة الكبرى يراجعون موقفهم لتبرز من جديد مسألة التناقضات داخل الساحل و لكن ليطرح سؤال على غاية من الجدية و الوعي ألا وهو إلا أي حد يمكن للساحل أن يقوم بانتفاضة تغير واقع الإيالة جذريا و تقلب الأمر رأسا على عقب ؟
لقد ذكر الأستاذ علي اللطيف : ” أن انتفاضة الساحل التونسي كانت تتوفر على كل عوامل النجاح و تغيير مصير البلاد التونسية”[78] و من هذه العوامل تجذر ظاهرة الاستقرار و التشبث بالأرض و ارتفاع درجة الوعي لدى مختلف شرائح السكان و وجود انضباط تنظيمي محكم لأهمية حضور العنصر العسكري في صفوف السكان و المنتفضين على وجه الخصوص، و لكن على الرغم من توفر هذه العوامل مجتمعة كان الانكسار مدويا و سريعا و مذهلا مما جعل البعض يعلق هذه النتائج الكارثية على شماعة الخيانة أو المؤامرة، ليبتعد نوعا ما عن التفسير الموضوعي لهذا الفشل.
في اعتقادنا أن الساحل برمته بما فيه من قرى و مدن “كبرى” و بما يزخر من طاقات مادية و بشرية عددا و نوعا لا يمتلك مقومات الصمود لمدة طويلة في وجه الباي و ما شرع في إعداده من محلة تقليدية قوامها عسكر زواوة و فرسان عروش القبائل بعد ان انكفأت حركة “العربان” في وسط الإيالة و تراجعت عروش ماجر و الفراشيش إلى الحدود الغربية، فإذا نظرنا إلى الشريط الساحلي الممتد نسبيا –من هرقلة إلى الشابة- لا يمكن أن يوفر الحاجيات الضرورية للصمود ذلك أن هذا البحر تسيطر عليه قوى في علاقة وطيدة مع بايات تونس و نعني بذلك بريطانيا التي تسيطر على مالطا منذ سنة 1800 و فرنسا التي تسعى جاهدة منذ احتلالها للجزائر في 1830 إلى توطيد العلاقة مع البايات و فك ارتباطهم تدريجيا مع الباب العالي و زيارة أحمد باي في 1846 إلى باريس تندرج في هذا الإطار، فالقوى المهيمنة على البحر الأبيض المتوسط في تلك الفترة كانت رافضة لبروز قوة “تصحيحية” في الضفة الجنوبية للمتوسط معادية لمصالحها خاصة إذا ما علمنا أن من بين مآخذ أهل الساحل للباي هو التبعية المفرطة للغرب حيث باشروا محمد خزندار عامل الساحل و وزير الحرب آنذاك قائلين له “أنتم أعطيتم بلادنا للنصارى، و أتيتنا الان لتنفيذ أمر سيدك بلا كلفة عليهم، فاعطنا مفاتيح بلادنا و مفاتيح خزنة سلاحنا و بارودنا”[79]
فهذا الوعي هو مضاد لمصالح القوى الغربية لذلك ستسعى هذه القوى جاهدة إلى محاصرته و ما يؤكد ذلك أن المدافع التي تم اشتراؤها من مالطة من قبل المنتفضين كانت صغيرة الحجم مما يدل على تهريبها إلى الساحل وهي غير قادرة على قلب موازين القوى، كما أن هذا البحر غير قادر على توفير مادة استراتيجية أخرى في حالة حصار طويل الأمد ألا وهي الحبوب و تحديدا القمح، فالساحل لا ينتج هذه المادة بما فيه الكفاية لجميع سكانه وهو في أشد الحاجة إليها باستمرار باعتبارها محور ارتكاز النظام الغذائي للسكان أنداك.
أما على مستوى البرفإن الساحل يمثل الغابة الرئيسية للزياتين بالإيالة و لكن نقطة ضعف هذه الغابة أنها محاطة بمجموعة من عروش القبائل غير مأمونة الجانب أولاد سعيد على مستوى النفيضةو ولائها للباي لا غبار عليه في ظل قيادة أولاد بلواعر ثم عروش جلاص –أولاد سنداسن و أولاد يدير و أولاد خليفة- وهي على ولائهاالتقليدي للحسينيين لذلك سرعان ما راجعت تموقعها إبان الانتفاضة و اصطفت خلف الباي ثم السواسي و المثاليث، و لئن اعتبرت المثاليث من القبائل “الباشية” تقليديا فإن هذه العروش أخضعت إلى “مخزنة” معمقة منذ عودة أبناء حسين بن علي من الجزائر في 1756 و لا يمكن الحديث عن قبائل محاربة في الإيالة منذ ذلك التاريخ و أكبر دليل على ذلك أن أحمد الماشطة زعيم المنتفضين بالساحل و بعد هزيمة القلعة الصغرى أمام محلة أحمد زروق التجأ إلى المثاليث فلم يجد منهم النصرة و سلموه إلى مصيره المحتوم في مدة قصيرة للغاية.
هذا بالنسبة إلى الظروف المحيطة بالساحل أما بالنسبة إلى التناقضات الداخلية بين القرى و بين سكان القرية أو المدينة الواحدة ثم بين ضباط العساكر و سائر الجنود هي أكثر من أن تحصى لذلك لا يمكن الحديث عن مقومات صمود بأتم معنى الكلمة و نتيجة لهذه التناقضات و هذه الظروف المعرقلة مجتمعة و أمام ضغط الاستعداد الخارجي للزحف على الساحل من قبل المحلة التقليدية و تراجع حركة “العربان” في دواخل الإيالة بدأ التفكير في كيفية “الخروج المشرف” من هذا العصيان و درء أقصى ما يمكن من الخسائر، و في هذا الإطار تتنزل وساطة الأعيان و الوجهاء و خاصة كبار ضباط الجيش منذ منتصف جويلية 1864 م.
فبعد فشل المساعي مع القيادات المركزية و نعني بذلك الفريق رشيد و أمير الطبجية سليم و وزير الحرب محمد خزندار في تجميع عساكر الساحل عمد الباي إلى إرسال وسطاء من فصيلة أخرى وهم كبار ضباط الجيش من أبناء الساحل فتم إرسال الأمير آلاي وناس العجيمي أصيلمصدور إلى المنستير و إرسال حسن المقرون إلى بلده مساكن و إرسال الأمير آلاي محمد بيار إلى بلدته القلعة الكبرى، و لئن فشل وناس العجيمي و حسن المقرون في إقناع أبناء المنستير و مساكن من العساكر في الإذعان و إبراز الطاعة فإن الأمير آلاي محمد بيار قد نجح في ذلك مع إخوته من العساكر من أبناء القلعة الكبرى فما هو سبب هذا النجاح ؟
يعود هذا النجاح لأسباب عديدة منها موقع القلعة الكبرى التي تعتبر بوابة الساحل على الشمال و الغرب في آن واحد وهي الهدف الأكثر احتمالا في حالة التمادي في العصيان، كما تمثل هدفا مباشرا لغارات عروش أولاد سعيد و جلاص في آن واحد إذا ما تم هذا التماديمع إمكانية استهدافها من الشرق من “غرمائها” التقليديين أكودة و القلعة الصغيرة كما حدث في عهد علي باشا، هذا من ناحية لكن في اِعتقادنا أن أهل القلعة الكبرى و أبنائها من العساكر كانوا أكثر التحاما ببعضهم البعض – لعوامل تاريخية و ربما أثنية من أصل بربري- و لكن أيضا لاختراق المؤسسة العسكرية لمختلف العائلات و وجود أبناء العائلة الواحدة في رتب مختلفة في الجهاز العسكري مما يسر عملية تواصل القيادات بالقاعدة و بالتالي الوجهاء بالعامة.
فاللافت للنظر هنا أن الوجاهة في القلعة الكبرى لم تستمد من رمزية دينية (الأشراف) و إنما استمدت من الرتب العسكرية السامية لذلك تتحدث المصادر عن “المحتسب الموقر الوجيه الأمير آلاي السيد محمد بيار”[80] و هذا لا يقتصر على محمد بيار فقط و إنما أيضا على أشخاص أخرين مثل حمودة بلعيد و غيره فقد جاء في رسالة وجهها أحمد زروق أمير المحلة إلى الوزير الأكبر مصطفى خزندار “قدم إلينا للمحلة المنصورة الموقر الوجيه الأمير آلاي السيد محمد بيار و الموقر الوجيه الأمير آلاي السيد حمودة بلعيد و الوجيه القائم مقام سي عبد القادر و معهم من الضباط و الفسيالات قريب من أربعة عشر و من مشايخ القلعة و أعيانها جماعة و قرروا لنا من حالهم و ما حل بهم…”[81]، فالوجاهة في القلعة الكبرى مؤسسة على احتلال مراتب عليا في الجيش النظامي مع العلم أن رتبة أمير آلاي Colonel لم يبق فوقها سوى رتبة واحدة وهي أمير الأمراء كما نلاحظ وجود تركز هام من كبار الضباط بالقلعة إثنان برتبة أمير آلاي و إثنان برتبة قائم مقام Lieutenant-Colonel و هما عبد القادر و محمد الشتيوي إضافة إلى عدد هام من الضباط و ضباط الصف (الفسيالات كما جاء في الوثيقة)، فالمؤسسة العسكرية النظامية اخترقت النسيج المجتمعي للقلعة الكبرى و خاصة النسيج الأسري و أصبحت الخدمة العسكرية مشروعا عائليا، فلو تأملنا في قائمة المشاركين في حرب القرم من عائلة بلعيد مثلا لوقفنا على تنوع المواقع التي يحتلها أبناء هذه العائلة في هذه المؤسسة مما ييسر عملية التواصل و الإصغاء و الانضباط و يقلص من حدة التناقضات بين الضباط و الجنود و إذا ما اضفنا إلى عنصر الانتماء إلى العائلة الواحدة– بلعيد، الشتيوي، شوشان، بوفارس، بن نية، … – عنصرا آخر لا يقل عنه أهمية وهو عنصر المصاهرة بين مختلف العائلات داخل نفس التجمع القروي ندرك جيدا سبب نجاح محمد بيار في إقناع “إخوته” من القلاعة بضرورة و بسرعة إعادة التموقع خلف الباي قبل فوات الأوان درءا للأخطر و الأفدح و ليس درءا للسوء فهو قادم لا محالة و لو بعد حين الأمر الذي لم يفلح فيه حسن المقرون مع “إخوته” المساكنية و وناس العجيمي مع أبناء المنستير.
إن الأسوأ و الأفدح هذه المرة كان من نصيب القلعة الصغرى بدرجة أولى و أعيان مساكن و المنستير بدرجة ثانية غير أن السيء طال جميع أبناء الساحل و إن كان بالتدرجبما في ذلك القرى التي اصطفت خلف الباي في معركة القلعة الصغرى، إذ تشير المصادر أن أحمد زروق أخضع كبار ضباط الجيش و أعيان و وجهاء الساحل إلى خطايا استثنائية أفنت الشحم و اللحم و وصلت إلى العظم على حد تعبير ابن أبي الضياف فالأمير آلاي وناس العجيمي سلط عليه أحمد زروق خطية مالية مقدارها 91500 ريال لا لشيء سوى أنه فشل في تعبئة الجنود و إجبارهم على الطاعة من جديد كما تم تسليط عقوبة مالية مقدارها 40000 ريال على الآلاي أميني Major الحاج علي لاز المستيري لنفس السبب[82].
أما بالنسبة إلى القلعة الكبرى فتشير المصادر وهي حسابات اعترف أحمد زروق بقبضها و ثبتها في دفتر خاص أنه أخضع أبناء القلعة الكبرى إلى خطية جماعية مقدارها مليون و مائتي ألف ريال[83]و سلط عقوبة مالية ضخمة على أعيان القلعة و وجهائها السياسيين و العسكريين على حد سواء فمن الأعيان السياسيين نذكر عقوبة مالية تحملها النائب السابق بالقلعة الكبرى و صهر محمد بيار عمر بن الصغير و مقدارها 25 ألف ريال إضافة إلى خطية تحملها محمد الذهبي مقدارها ¼ 2014 ريال و عقوبة مالية مقدارها 10200 ريال سلطت على حسن الصغير و محمد بودريقة و محمد بلعيد[84] أما بالنسبة إلى القادة العسكريين فقد تم إخضاع الأمير آلاي محمد بيار إلى خطية مقدارها 50 ألف ريال و إخضاع القائم مقام سي عبد القادر إلى عقوبة مالية مقدارها 47617 ريال و القائم مقام محمد الشتيوي إلى عقوبة مالية مقدارها 100 ألف ريال إضافة إلى ¼ 33029 ريال[85] بتعلة أموال الفريق رشيد ظلت في تصرفه بعد إعدام هذا الفريق في 1867 مع العلم أن محمد الشتيوي كان من المشاركين في حرب القرم، مما يؤكد أن محلة أحمد زروق لم تستثن أحدا من السواحلية و إنما كل ما فعلته هو جدولة العقوبة ليس إلا.
فقد قام أحمد زروق أثناء توجهه بمحلته إلى الساحل بتعبئة القوى العسكرية النظامية و خاصة شبه العسكرية التقليدية ممثلة في عسكر زواواة و عروش قبائل جلاص و نفات و دريد ليؤدب الأطر العسكرية الحديثة باعتبار أن الجيش النظامي يعد في نفس الوقت مظهرا و أداة للتحديث معلنا بهذا الفعل أن “التحديث” لم يبدا بعد بالبلاد التونسية و أن سياسة الباي لا تزال تقليدية في عمقها و مبرزا في نفس الوقت أيضا أن النصوص القانونية ذات الصبغة التحديثية التي وقعها سلفه محمد باي لم تكن نابعة من الداخل و إنما كانت هي الأخرى إحدى انعكاسات حرب القرم و ما يؤكد الترابط بين صدور عهد الأمان باعتباره أحد أسس النصوص التحديثية و نتائج حرب القرم ما كتبه الفريق رشيد إلى محمد باي في جرنال 9 رجب 1272 هـ / 16 مارس 1856 م : “بلغنا أن جميع البلدان الذي في حكم الدولة العلية توجهت لهم الأجوبة من الدولة [العثمانية] في شأن شروط التنظيمات التي كان جعلهم الفرنسيس و الأنقليز ليكون العمل بمقتضاه و أحكامها مثل القوانين متاع بر النصارى من غير فرق بين المسلم و النصراني و غيرهما من الأجناس و فيها كثير من شروط دون ما ذكرناه و ربنا يحسن العواقب…”[86]. و ما يؤكد عدم قناعة الباي بالنصوص التحديثية ما اقترفته محلة زروق بالساحل من هتك للحرمات و الأعراض و سلب للأموال و الممتلكات و كذلك استغلال الباي لانتفاضة 1864 م للتراجع عن دستور 1861 م.
خاتمة و استنتاجات
فما يجب التأكيد عليه في خاتمة هذا العملهو :
– الأهمية العددية و النوعية لأبناء القلعة الكبرى في العساكر التي اتجهت إلى سواحل البحر الأسود للمشاركة في حرب القرم.
– أهمية المأساة التي لقيها المشاركون في هذه الحملة باعتبار عدد الوفيات و عدد المرضى و السواقط.
– المسؤولية المباشرة للباي عن هذه المأساة و قناعة العائدين من البعثة بهذه المسؤولية.
– مشاركة العساكر بما فيهم كبار الضباط في العصيان و التمرد على قرارات الباي عند تضعيف الإعانة مما يفند التصنيف التقليدي لبلدان و قرى الساحل إلى صف حسيني مواليا للباي و صف باشي معارضا له.
– شمولية العسف و الجور الذي لحق أبناء الساحل بما في ذلك أبناء القلعة الكبرى التي كانت تعد من الموالين للباي غير أن أحمد زروق أخضعها إلى خطايا ثقيلة كما أخضع كبار ضباط العسكر الذين شاركوا في حرب القرم إلى خطايا استثنائية و قد أوجز ذلك ابن أبي الضياف متحدثا عن الباي بالقول : “… فأغرم أهل الساحل أموالا أفنت الطارف و التالد و رهنوا أملاكهم عند الوافدين على المملكة و اتباعهم و أصبحت بلدان الساحل خاوية على عروشها و ذهب هذا الصقع الذي هو عمران هذه المملكة كأمس الدابر”[87]
فالباي بمثل هذا التصرف لم يخسر عساكر الساحل فقط و إنما خسر أيضا منطقة الساحل بأسرها وهي عمران المملكة على حد تعبير ابن أبي الضياف مما جعله يوفر أرضية “القابلية للاستعمار” التي عرفتها الإيالة وهو ما سيهيأها لمرحلة جديدة من تاريخها و نعني بذلك الفترة المعاصرة دون أن تعرف بصفة فعلية الحداثة!
المصادر و المراجع المعتمدة في هذا البحث :
I – المصادر المخطوطةبالأرشيف الوطني التونسي
– الدفاتر : 491 – 503 – 506 – 2422 – 2423 –2427 – 2428 – 2430 – 2431 – 2432 – 2446 – 3133 – 3139.
– وثائق السلسلة التاريخية
– صندوق 179، ملف 983.
– صندوق 181، ملف 1001 -ملف 1006 – ملف 1008.
– صندوق 182، ملف 1010- ملف 1011.
– صندوق 183، ملف 1016.
– صندوق 36، ملف 428.
II– المصادر المنشورة
– ابن أبي الضياف (أحمد)، اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس و عهد الأمان، تحقيق جماعي، 8 أجزاء، تونس 1867.
– بيرم (محمد)،القطر التونسي في صفوة الاعتبار و مستودع الأمصار و الأقطار، تحقيق علي الشنوفي و عبد الحفيظ منصور و رياض المرزوقي، بيت الحكمة، تونس، 1989.
– فريد بك (محمد)، تاريخ الدولة العلية العثمانية، الطبعة الثانية، مصر، 1896.
III– المراجع العربية
– دالي (حمادي)،المشاركة التونسية في حرب القرم 1854-1856، رسالة الدراسات المعمقة، إشراف خليفة شاطر، كلية العلوم الانسانية و الاجتماعية، تونس، 1995.
– اللطيف (علي)، انتفاضة الساحل التونسي سنة 1864 محلة زروق و معركة القلعة الصغيرة، الطبعة الأولى، منشورات المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية، المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية، تونس، 286 ص.
– مونتران (روبير)، إشراف، تاريخ الدولة العثمانية، الجزء الثاني، نقله إلى العربية بشير السباعي، ط 1، القاهرة، دار الفكر للدراسات و النشر و التوزيع، 1993.
IV– المراجع الأجنبية
– CHATER, Khalifa, Insurrection et repression dans la Tunisie du XIX siècle : La mehalla de Zarrouk au Sahel (1864), Tunis, 1978, 230 p.
– Dozy, R, Dictionnaire détaillé des noms des vêtements chez les arabes, Amesterdam, Jean Muller, 1845, P380.
– HUGON, Henri, Les emblèmes des beys de Tunis, études sur les signes de l’autonomie husseinites : Monnaies, Sceaux, Etendards, Armoiries, Marques de dignités et gardes, Décoration, Médailles commémoratives militaires, Paris, E. Leroux, 1913.
-MARTEL ,André, ” L’armée d’Ahmed Bey “, in les Cahiers de Tunisie, n°15, 3 Trim, 1956, pp. 373 – 407.
[1]: دالي (حمادي)، المشاركة التونسية في حرب القرم 1854 -1856 م، رسالة الدراسات المعمقة، إشراف خليفة شاطر، جامعة تونس الأولى، كلية العلوم الانسانية و الاجتماعية، 1995، 180 ص.
[2] : نفس المرجع، ص ص 12 – 35.
[3] : لمزيد التعرف على أطوار الحرب و أسباب اندلاعها و النتائج المترتبة عنها يمكن الرجوع إلى : محمد فريد بك، تاريخ الدولة العلية العثمانية، الطبعة الثانية، مصر، 1896، ص ص 261 – 282 ، و كذلك الرجوع إلى روبير مونتران، إشراف، تاريخ الدولة العثمانية، الجزء الثاني، نقله إلى العربية بشير السباعي، ط 1، القاهرة، دار الفكر للدراسات و النشر و التوزيع، 1993، ص ص 132 – 139.
[4] : الأرشيف الوطني التونسي (أ.و.ت)، دفتر 491.
[5] : اللواء الثاني و الرابع من عسكر المشاة كان معسكرهما في سوسة و المنستير و عرف بعسكر الساحل و هما المعنيين بالمشاركة في حرب القرم إَضافة إلى اللواء الخامس المعروف بعسكر القيروان و المعني هو الآخر بهذه المشاركة، انظر حول الجيش التونسي :
André MARTEL, ” L’armée d’Ahmed Bey “, in les Cahiers de Tunisie, n°15, 3 Trim, 1956, pp. 373 – 407.
[6] : أحمد ابن أبي الضياف، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس و عهد الأمان، 8 ج، تحقيق لجنة من كتابة الدولة للشؤون الثقافية و الارشاد، تونس، المطبعة الرسمية، 1963 – 1964، ج 4، ص 133.
[7] : تحصل جانبا من العساكر و الضباط على راتب 11 شهرا قبل السفر، انظر أ.و.ت، دفتر 491، ص 67.
[8] : نفس المصدر، سلسلة تاريخية (س.ت)، صندوق (صن)، 182، ملف (مل)1011، وثيقة (وث)76.
[9] : نفس المصدر و الوثيقة.
[10] : ابن أبي الضياف، مصدر سابق، ج 4، ص 162.
[11] : حول تاريخ الانطلاق انظر :أ.و.ت، س ت، صن 182، مل 1010، جميع الوثائق التي تتمثل في عقود كراء السفن التي نقلت العساكر من الإيالة التونسية إلى إسطنبول، و حول جنسية هذه المراكب و قيمة الكراء انظر : دالي حمادي، مرجع سابق، ص ص 57 – 59.
[12] : لقد تم ضبط هذا العدد بالعودة إلى :أ.و.ت، دفتر 3139، ملحق 2.
[13] : نفس المصدر، س ت، صن 181، مل 1008، وث1.
[14] : نفس المصدر، دفتر 3139، ملحق 2.
[15] : نفس المصدر و الدفتر و الملحق.
[16] : نفس المصدر، دفتر 3133.
[17] : تم ضبط هذا الجدول بالاعتماد على نفس المصدر و الدفتر.
[18] : تم ضبط هذا الجدول بالاعتماد على نفس المصدر، دفتر 2431 أما بالنسبة لتحديد مرادف الرتبة في اللغة الفرنسية فقد وقع الاعتماد على :
HUGON, Henri, Les emblèmes des beys de Tunis, études sur les signes de l’autonomie husseinites : Monnaies, Sceaux, Etendards, Armoiries, Marques de dignités et gardes, Décoration, Médailles commémoratives militaires, Paris, E. Leroux, 1913.
[19] : أ.و.ت، دفتر 3133.
[20] : أ.و.ت، دفتر 2431، ص 1 – 2، و دفتر 2432.
[21] : تعني كلمة “يوز” في اللغة العثمانية مائة فيوزباشي تعني قائد المائة من الجند.
[22] : نفس المصدر، دفتر 2431، ص ص 3 – 6.
[23] : نفس المصدر، و الدفتر، ص ص 7 – 11.
[24] : نفس المصدر و الدفتر، ص ص 14 – 15.
[25] : نفس المصدر و الدفتر، ص ص 17 – 24.
[26] : نفس المصدر و الدفتر، ص 27.
[27] : تعني كلمة “أون” في اللغة العثمانية عشرة و بالتالي أونباشي تعني قائد العشرة أنفار من الجند.
[28] : أ.و.ت، دفتر 2431، ص ص 29 – 43.
[29] : نفس المصدر، دفتر 2428.
[30] : نفس المصدر، س ت، صن 181، ملـ 1006، وث 5.
[31] : نفس المصدر و الوثيقة.
[32] : نفس المصدر و الوثيقة.
[33] : نفس المصدر، دفتر 2428.
[34] : نفس المصدر و الدفتر.
[35] : نفس المصدر و الدفتر.
[36] : أ.و.ت، دفتر 2430، رسالة 20 جمادى الأولى 1271 هـ – 8 فيفري 1855 م.
[37] : نفس المصدر، س ت، صن 181، مل 1008، وث 86.
[38] : نفس المصدر، س ت، صن 181، مل 1001، وث 58.
[39] : نفس المصدر، دفتر 2422.
[40] : نفس المصدر، س ت، صن 181، ملـ 1001، وث 58.
[41] : نفس المصدر، س ت، صن 183، ملـ 1016، وث 54.
[42] : ذكر دوزي(Dozy) أن كلمة كبوط من الكلمة الاسبانية capote و قد استعملها سكان اسبانيا من العرب و مرروها إلى المغرب، انظر:Dozy, R, Dictionnaire détaillé des noms des vêtements chez les arabes, Amesterdam, Jean Muller, 1845, P380.
[43] : أ.و.ت، س تن صن 181، ملـ 1001، وث 58.
[44] : لم يقع توفير “الكلاسط” للعساكر إلا في 26 أكتوبر 1855، انظر : أ.و.ت، دفتر 2427.
[45] : وقع توزيعها مع الجوارب.
[46] : لم يقع تقديم المفروشات للعسلاكر إلا في 21 ربيع الأول 1272 هـ / 1 ديسمبر 1855 م وهي من نوع “كليم”، انظر : أ.و.ت، دفتر 2423، ورقة 6 ظهر.
[47] : أ.و.ت، دفتر 2428، جرنال 12 محرم 1272 هـ / 24 سبتمبر 1855 م.
[48] : نفس المصدر و الدفتر و الجرنال.
[49] : نفس المصدر و الدفتر و الجرنال.
[50] : لا يتميز الضباط عن الجنود بأهمية رواتبهم فقط و إنما ايضا في قيمة الطعام المسلم لهم من الميري و أيضا في عدد الملابس و نوعيتها، فأصبحت ندرة الملابس وسيلة لابتزاز الجنود بأعمال إضافية أو مشينة من قبل الضباط و أصحاب الرتب العليا.
[51] : تم تحديد هذه النسبة بإحصاء الوفيات مكن الضباط و الجنود من مجموع العساكر و ذلك بالاعتماد على :أ.و.ت، دفتر 3133.
[52] : أ.و.ت، دفتر 3133.
[53] : تعني كلمة العرضي المعسكر المركزي و قد أقيم بمدينة باطوم في هذه البعثة
[54] : أ.و.ت، دفتر 3133.
[55] : نفس المصدر و الدفتر.
[56] : تم تثبيت هذا الجدول بالاعتماد علىأ.و.ت، دفتر 3133، هذا و يعد الآلاي حوالي ثلاثة آلاف جندي و ينقسم الآلاي الواحد إلى ثلاثة طوابير و كل طابور يعد حوالي ألف جندي و ينقسم الطابور بدوره إلى مجموعة من البلوكات.
[57] : نفس المصدر و الدفتر.
[58] : نفس المصدر و الدفتر.
[59] : نفس المصدر و الدفتر.
[60] : أ.و.ت، دفتر 2428، جرنال 16 ربيع الثاني 1272 هـ / 26 ديسمبر 1855 م.
[61] : نفس المصدر و الدفتر و الجرنال.
[62] : أ.و.ت، دفتر 2432، و قد تحصل جميع هؤلاء العساكر على نواشن افتخارات الحرب المجيدية في رمضان 1272 (ماي / جوان 1856)
[63] : كان مسجونا بالعرضي و لم يأخذ نيشان.
[64]أ.و.ت، دفتر 2428.
[65] : أ.و.ت، دفتر 2432، ذكر في الدفتر أن هؤلاء العائدين لم يأخذوا نواشن افتخارات الحرب.
[66]أ.و.ت، دفتر 2432.
[67] : لقد تم إقرار الإعانة من قبل محمد باي في سنة 1856 م و في نظرنا كان هذا القرار نتيجة مباشرة للمشاركة التونسية في حرب القرم إذ تعتبر هذه المشاركة مكلفة للغاية بلغت هذه الكلفة 11.948.043 ريال أي ضعف مقابيض الدولة لسنة 1268 هـ (27 أكتوبر 1851 م – 14 أكتوبر 1852 م) كما أنها تمثل مرة و نصف تقريبا مقابيض سنة 1269 هـ (4 أكتوبر 1853 م – 23 سبتمبر 1854 م) و أخيرا تمثل مرة و ربع مداخيل سنة 1272 هـ (13 سبتمبر 1855 م – 31 أوت 1856 م)، انظر أ.و.ت، دفتر 491 و دفتر 503 و دفتر 506.
[68] : وصلت العساكر إلى تونس قادمة من إسطنبول يوم الأحد 1 ذي الحجة 1272 هـ / 3 أوت 1856 م، انظر : ابن أبي الضياف، مصدر سابق، ج 4، ص 208.
[69] : نفس المصدر، ج 5، ص 142-143.
[70] : كانت هذه الشمولية على المستوى الأفقي حيث شملت الانتفاضة سائر بلدان الساحل و كذلك على المستوى العمودي حيث التحم العساكر و أهل المجلس الشرعي خاصة بالمنستير مع العامة، انظر ، نفس المصدر، ج 5، ص 168-169.
[71] : نفس المصدر، ج 5، ص 168.
[72] : انظر دراستنا حول المشاركة التونسية في حرب القرم، ص ص 128-130.
[73] : نجد 2684 عسكري بالآلاي الثاني وهو ما يمثل 86,88% من مجموع العساكر بالآلاي و نجد 1206 من ابناء الساحل بالآلاي الخامس أي 38,84% من عساكر الآلاي، انظر : أ.و.ت، دفتر 3133.
[74] : ابن أبي الضياف، مصدر سابق، ج 5ن ص ص 167-169.
[75] : أ.و.ت، س ت، صن 179، ملـ 983، وث 145.
[76] : انظر حول قمع الباي لهذا العصيان.
CHATER, Khalifa, Insurrection et repression dans la Tunisie du XIX siècle : La mehalla de Zarrouk au Sahel (1864), Tunis, 1978, 230 p.
انظر كذلكعلي اللطيف ،انتفاضةالساحلالتونسيسنة 1864 محلةزروقومعركةالقلعةالصغيرة،الطبعةالأولى،منشوراتالمعهدالعاليلتاريخالحركةالوطنية،المطبعةالرسميةللجمهوريةالتونسية،تونس، 286 ص.
[77] : اللطيف (علي)، مرجع سابق، ص ص 231-242.
[78] : اللطيف (علي)، انتفاضة الساحل التونسي، ص 81.
[79] : ابن أبي الضياف، إتحاف، جزء 5، ص 168.
[80] : أ.و.ت، س ت ، صن 36، مل 428، وث 44960.
[81] :أ.و.ت، س ت ، صن 179، مل 983، وث 101.
[82] : أ.و.ت، دفتر 2446، ص ص 4-6.
[83] : نفس المصدر و الدفتر، ص 5.
[84] : نفس المصدر و الدفتر، ص 5.
[85] :نفس المصدر و الدفتر و الصفحة.
[86] : أ.و.ت، دفتر 2428.
[87] : ابن أبي الضياف، إتحاف، ج 5، ص 184.