رئيس قلم التحرير الأستاذ محمد عليّ بن عامروفّق الله الجميع
إفتتاحية
نحن شعب لايقرأ العواقب
إنّ ما تعيشه تونس من أحداث مؤلمة منذ المسمّاة ثورة يحملنا مسؤولية التفكير فيما يعيشه مجتمعنا وما يدعو الطبقة النيرة من التونسيين إلى تقصّي الأسباب التي سببت انهيار ما بنينا من إنجازات على مدًى يزيد عن 60 سنة في مختلف المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية وغيرها و في مقدّمتها الإنجازات التربوية التي تفخر بها أجيالنا منذ الاستقلال وتباهي بها بين الأمم .من المؤلم أن ينكشف الغطاء عن مؤامرة رهيبة حاك خيوطها قوم انعدمت فيهم الإنسانية ودفعهم حقد هم على هذا الوطن إلى ارتكاب أفظع الجرائم في حقه .. لقد سعى النظام السابق منذ انقلابه على الشرعية إلى ضرب القواعد الأساسية التي انبنى عليها كل ما تحقق. لهذا الوطن من نهضة اجتماعية واقتصادية .فالتعليم كان الهدف والوسيلة التي بني عليها نظام دولة الاستقلال ورجالها مستقبل تونس بينما كان المجهود الحربي استنزافا رهيبا لثروات شعوب المنطقة التي ظلت في غنى تام عن بناء مستقبل أجيالها فلم يكن التعليم من اهتماماتها ولا الصحة ولا الاقتصاد وما حصلت إلا على التخلف والفقر وتألب القوى الاستعمارية عليها .لقد حققت تونس بسياستها التربوية مكانة مرموقة في العالم و في المنتديات والمؤسسات العلمية والسياسية والاقتصادية وغيرها .
منذ انقلاب 1987 انقلبت الأمور رأسا على عقب بسبب انخرام المنظومة التربوية وإهمال البنية التحية للتعليم وتطوير البرامج التعليمية بدعوى التقدّمية ومواكبة التطوّر وإذ بالمؤسسة التربوية قد أفرغت من دورها التربوي بفعل فاعل وهمّش المربّي والتلميذ على السواء مستبْدلًا المضامين البيداغوجية والعلمية بمنظومات مستوردة أهملت التربية التي عليها قيام المجتمع ونهضته فأصبحت المدرسة حلبة صراع بين تيارات لا علاقة لها بتهيئة الأجيال لمسؤوليات الغد .وما تشهده تونس اليوم من أوضاع مزرية يهدد المدرسة العمومية بالتلاشي والاضمحلال لتحلّ بدلا عنها منظومة تربوية رأس مالية لا بقاء فيها إلا للأغنياء وذوي النّفوذ ثمّ بإسم الدين والقرآن بدأت نشأة مؤسسات ظلاميّة في شبكة عنكبوتيه داعشيّة تهدف إلى مسخ الهوية وإعداد قنابل موقوتة تأتي على الأخضر واليابس وتقضي على كلّ ما تأسّس في بناء دولة وشعب على مفاهيم حضاريّه تقدّمية .إنّ ما يبيته أعداء تونس لشعبها خطير ومريع فلنتأمل ما يجرى غير بعيد عنا وغير بعيد من بلدان استباحتها العصابات الإرهابية مثل الصومال وأفغانستان ونيجيريا وليبيا وباكستان و بدأت بذورها في تونس تنمو في بعض المؤسسات من مساجد وروضات ومدارس إنّ الخطر داهم والمستقبل طريقه وعرة ومن واجب التونسيين أن يتجندّوا لمواجهة ما يتهدد أبناءهم من ويلات الجهل والفقر والجريمة
–والله المستعان على ما يصفون –
محمد علي بن عامر