تعازينا

 تتقدم أسرة المجلة بأحر التعازي

المرحوم المنصف فرادي في ذمّة الله

بسم الله الرحمان الرحيم:” كلّ من عليها فان’ و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام سورة الرحمان

المربي المنصف فرادي(27/04/1947-23/09/2016 )

mn

الله أكبر … الله أكبر … الله أكبر …

العين تدمع والقلب يخشع والفم لا ينطق إلا بما يرضيك يا رب ….

إنا لله وإنا إليه راجعون …

انسحبت أيها الأخ العزيز في صمت وهدوء في حين كنت لا تصمت …

كنت المنشط لكل مجلس والمناقش لكل فكرة والمعقب على كل رأي.

مضيت وتركت لوعة في قلوب أصدقائك … وحزنا في نفوس أبنائك … وأوزارا من الآلام تئن بحملها زوجتك… ولكن تلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا …

آمنا ربي بما أنزلت … ورضينا بما قضيت … ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولد أخي وصديقي المنصف بن محمد فرادي تغمده الله برحمته في 27 أفريل 1947 بالقلعة الكبرى وزاول تعليمه الابتدائي بالمدرسة الابتدائية ابن خلدون بالقلعة الكبرى ثم تعليمه الثانوي بالمعهد الثانوي للذكور بسوسة فرع ترشيح المعلمين. وفي جوان 1964 تحصل على شهادة انتهاء الدروس الثانوية الترشيحية ثم التحق بمدرسة ترشيح المعلمين بتونس أين تحصل على شهادة انتهاء التربص وبموجبها عين في أكتوبر 1965 معلما بزرمدين وبعد سنتين انتقل إلى مدرسة التطبيق بالقرجاني بنفس الخطة. في سنة 1970 عين قيما عاما بمدرسة ترشيح المعلمين حتى سنة 1972 ليبدأ تجربة أخرى بالمدرسة السياحية ببنزرت ثم بسوسة.

التحق سنة 1974 بمعهد علي بورقيبة بمسقط رأسه ليشغل خطة قيم عام ثم بالمعهد الفني بسوسة وأنهى مساره المهني سنة 2005.

في مارس 1963 عندما كانت الحياة الثقافية منعدمة بالقلعة الكبرى قام صحبة مجموعة من أصدقاء الدراسة ببعث جمعية الاتحاد الثقافي التي جمعت شتات المثقفين والتلامذة والطلبة وأنجزت العديد من الأنشطة والتظاهرات.

كان الأخ المنصف قوي الشخصية واثقا من نفسه معتدا بها إلى درجة أنه يصبح صعب المراس في بعض الأحيان. كما كان محبا للجمال أنيق المظهر تواقا إلى الأفضل يقتنص الفرص ليتمتع بالحياة.

أما بالنسبة لمساره المهني فقد ترك أينما مر بصمات المربي المقتدر والإداري الجدي والبيداغوجي المحنك فساهم بخصاله تلك في تربية العديد من الأجيال التي كان لها دورها في بناء الدولة التونسية العصرية.

اختطفته يد المنون صبيحة يوم الجمعة 23 سبتمبر 2016 بعد شهر من الصراع مع مرض عضال. اللهم تقبله برحمتك واجعله ممن عفوت ورضيت عنهم وغفرت لهم وحرمت عليهم النار وكتبت لهم الجنة. آمين يا رب العالمين.

محمد البشير بلعيد

16/10/2016

       قـصـيـد رثــاء لـلأسـتـاذ مـحـمـد عـلـي بـن عـامـر       

أخـي مـنصــف يا رفـيـق العـمـر

بمـوتك شـئ بقـلبي انكســر

رحـلـت كـأن لــم تـعــش بيــننــا

وما جمعـتـنا دروب الصغــر 

يـقـيـنا انــا مـنـك فـي  حـــيــرة 

     عـزمت الرحـيل ولم تستشـر

تــراك سـئمـت الـوجــود  كــمـا 

 سـئمناه ام مـا ابتـلاك أمــرّ ؟

طـلبـت سـبيـل الخـلاص فـهــل  

وجدت الخلاص الذي تنتظـــر

إلى الموت نمضي بحث الخطى 

 وكـــل لــه مــوعــد منــتظـــر

إلى المنتـهى حـيـث لا مـنـتـهى 

وحيـث التّـلاقي بــرب البشـــر

نـحـــب الـحــيـــاة وأعــبـاءهــا 

ونبـغي البقـاء وهول الضـــرر

ولــو لا الـفــراق لـهــان الـــردى 

فـفـيـه الأمـان ومــنـه الــعـبــر

وفـيـه الهـنا من شــرور الـــورى 

وفيه السـلامـة مـن كــل شـــر

أقــول لأهـــلــك لا تـــجــزعـــوا 

فــذاك المــصــير لكل البــشــر

لأنـت الــصـديـق وان لـم نـكـن 

على مـوعد في نـوادي السمـر

لـقـد كــنـت في كـل ضـيـق يـدا 

تــمــدّ ألـيــنــا بــعـــون وبــــرّ

خـبرتك سـمـحا وحين الـرضــى 

كهمس النسـيم وضـوء القمــر

وكم كنت غـير الـذي نرتــضــي

بـقـول وفـكــر غريــب الصــور

تـصـوغ مــع الـجـد مـا يـحـتـذى 

وبالـهزل كـنـت نــديـم السـفـــر

شـديـد الـمـراس وإن يـحـذروا 

فـأنـت الحـكـيم سـديـد الـنـظـــر

وان كنت في الناس صلب الحجى

فـمنـك التـوقي ومـنـك الـحـذر

كلانـا قـضـى العـمر في مهـنـة

تـهـد الكيـان وتـعـمي البــصــر

ومنها اكـتـسبـنا صـنوف الظـنى 

وعـشـنا الكـفاف ولـم نــدّخـــر

سـلـكـنـاه دربـا عــصــيـا ولــم 

نـسايـر سـواه طــوال الـعـمـــر

سـبـيـل المربـّي الذي يـحـتـذى 

مـا بــدّلـتـــنا ظـــروف أخــــــر

دفـعــنـا ضـريـبـة ذاك العـنـا 

سـقـامـا وسهــدا وفــقرا أشـــر

لأنّ الــضـمـيـر عــليــنـا عــتـا 

وحــمـّلـنا فـــوق مـــا يـقـتـــدر

نـعـــلّــم اجــيـالـنــا مـــــا بــه 

غـــذاء لأرواحـهـم والــفـكــــر

بـنـا حقـق الشعــب أحـلامــــه 

        بالــعــلم أجــيالـــه تفــتــخــــر

أرى حــالنــا الــيـوم في ذلّــة 

وبـين الشعـوب نغض البصـــر

وتــونـس أضحـت عــلى لجـــــة

عــلا موجـها منـذرا بالـخطـــر

تــرى أيـن مـنا زمـــان الصّــبـــــا

وحـزم المـربى وشأن الأســـر

تـــــولــــى وأفــــضــــى إلــــى

ضـياع الـشبـاب ومـا لا يســر

أعـــدّوا المـــربّــى لأجــيالــنـــا 

فــإن الـمربـي عـظـيم الأثــــر

لأنـت الـــمثـال الـذي تـحـتــذي

وأنـــت المربي الـوفيّ الابـــر

إلـى رحمـة الله يـابـن الحمــــى

وذاك المـصير و حكم الــقـدر

ومـا الـمـوت إلا سبــيل الــورى

ومـا في الــحياة لنا مسـتقــر

كـذلـك نأتــي ونمـضــي ســدى 

ومــا الخـلد الا لـرّب البــشـر

سـنكـمــل بــعــدك مــشوارنـــا

ونـلحـق بالركـب أنّـى عـبـــر

ونمـضى كـأن لم نـكن هـاهـنـا

رفــاتـــا تــرابــا هـبـــاء وذر

  

 

Share This: