أرشيفات التصنيف: تحاليل

مقال

 

زمن الناس الطيبين

سوق الصباغين

*تونس-موقع القلعة/كتبت رجاء بن موسى (أستاذة و فنانة تشكيلية)

 هذان خفان عبد الرحمان يتسارع بهما الطريق نحو سوق الصباغين وخطى بهيمته تتثاقل سيرا فقد تراكمت فوق ظهرها شاريتان قد تشابكت خيوطهما من سعف النخيل تتدلى منهما طعمة الصوف التي غزلتها حليمة من نور عينيها لأبناء يطلبون رغبفا من الحياة وها هي الشمس أبت الا ان تكون رفيقتهما الى ان اودعتهما تحت سقف الاسواق وهنا تضيع خطوات عبد الرحمان مع خطوات دابته وسط الزحام الى ان يتبلل خفيه بألوان تنسكب سواقي تنعش عيونا ترى الليل حياة.. ها قد وصل الى سوق الصباغين فيرسن حماره في رأس الرحبة وتسلم له حزم الطعمة في راحة وطمأنينة و يكتري لها خرجا مملوء تبنا وشعيرا وتتثاقل يداه فخرا بثروة أجداده وهو يضعها امام الدكان حيث انتشرت الى جانبه الغرابل والقرادش والمغازل وجميع ادوات الصوف وتبتهج عيناه بلون الشمس وخجل الورد وزرع الأرض وضياء القمر، اما الأرجواني الملكي، فهو مستبعد المنال، فهو للباي وحاشيته ولكن تذكر زوجته التي أبت ألا أن تتحلى طعمتها بزهر الرمان و نضارة السفرجل بهاء ويرحل بنا عبد الرحمان الى العهد الحسينين ليسجل له أمين السوق سلعته ويؤمن له الجودة في العمل وتسمع صياح الصبية قد أركنوا ألواح الكتاب جانبا وحضروا درسا لصنعة الأجداد “يوفى مال الجدين وتبقى صنعة اليدين” وتؤخذ صرة الطعمة من حضن عبد الرحمان ويسجل عنوانها بمفتاح زهر الرمان ونضارة السفرجل وتوضع فوق اكوام من الجلود والصوف قد سبقتها وهناك ترى أحواضا تدعوك الى تذوق الوان الحياة من شمس، والقمر أقحوان و نرجس والدباغون قد انتشروا وسطها كانتشار النحل وسط الحقول قد صبغت ثيابهم ووجوهم فبدوا مهرجانا للفنون يرشفون الصوف ليتشبع من رحيق الازهار ثم يحملونها على أعمدة من الخشب حتى تجفف فالسفن راسية على الموانئ تنتظر قوافل فنون الصوف لتلون الصناعة التونسية، البلدان الاوروبية

 

 

Share This:

حين تروّج المهرجانات السنيمائية العربيّة لبرامجها عبر الميديا الاجتماعية

د.نهى بلعيد

تطوّرت استعمالات الأفراد للميديا الاجتماعيّة خلال السنوات الأخيرة، بعد أن سجلت حضورها بحياتنا اليومية من خلال مختلف المجالات (الاقتصاد والسياسية والثقافة وغيرها). وأصبح من الصعب أن نغيب عن هذه المنصات الحديثة نظرا لما يوجد بها من كمّ هائل من المعلومات بل إنّها أصبحت من أفضل الوسائل الاتصاليّة في عصر الانترنت والوسائل الرقميّة.

ولقد تفطّن المشرفون على المهرجانات السنيمائية إلى الدور الذي أصبحت تلعبه هذه المنصّات الاتصاليّة كوسيط إعلامي، ممّا يفسر حضور أبرز المهرجانات السنيمائية العربيّة بهذه المنصّات على غرار أيام قرطاج السنيمائيّة ومهرجان القاهرة السنيمائي ومهرجان مراكش للفيلم السنيمائي.

وإن عراقة هذه المهرجانات لم تحد دون دفعهم إلى مواكبة حاجيات هذا العصر، عصر التكنولوجيا الرقمية والميديا الاجتماعية. فإن تأسس مهرجان أيام قرطاج السنيمائية سنة 1966، فإنّ مهرجان القاهرة السنيمائي قد تأسس سنة 1976 فيما تأسس مهرجان مراكش للفيلم السنيمائي سنة 2001. وقد سجلت هذه المهرجانات حضورها بكل من الفايسبوك والانستغرام واليوتوب والتويتر، وهي أكثر الميديا الاجتماعية استعمالا، بغض النظر عن موقعها الرسمي والتطبيقةApplication.

وبالتالي نجد عددا مهمّا من المتابعين للصفحات أو الحسابات الرسمية لهذه المهرجانات، من بين محبّي الفنّ السابع اليوم، الذين لا يكتفون بحضور عرض فيلم ما بل يسعون أيضا إلى متابعة المنصات الالكترونية للمهرجان بحثا عن معلومات إضافية. وهو ما دفع المسؤولين على هذه المهرجانات إلى إعادة النظر في خططهم الاتصالية لسببين اثنين: حتى يكونوا أقرب إلى متابعيهم وحتى يقدّموا لهم آخر أخبار المهرجانات وذلك بصفة آنيّة.

ورغم أن الفاسبوك هو الميديا الاجتماعية الأكثر استخدامًا من قبل مديري الاتصال  للمهرجانات، يمثل كل من الانستغرام واليوتوب والتويتر منصات ثانوية أخرى للترويج لهذه الأحداث الثقافية. ويمكن تبرير ذلك بارتفاع عدد مستخدمي هذه المنصات الاجتماعية في الدول التي تستضيف المهرجان.

ولكن تجدر الإشارة إلى أنّه رغم أنّ لتويتر كمنصة الكترونيّة، قاعدة جماهرية كبرى بمصر، فإن الفايسبوك هو الميديا الاجتماعية الأكثر استخدامًا في المغرب العربيّ بما في ذلك تونس والمغرب، وهذا وفقا لما ورد في دراسات علميّة عديدة. نذكر على سبيل المثال، دراسة “ميديا نات” السنوية. وهو ما يفسر ارتفاع عدد مستعملي التويتر بحساب مهرجان القاهرة السنيمائي.
فيما يتعلّق بالمحتوى، يتشابه محتوى الميديا الاجتماعية للمهرجانات الثلاث نظرا لأنّ الهدف واحد، ألاّ وهو الترويج لبرنامجها حيث عادة ما يتمّ مثلا الإعلان عن اختتام المهرجانات عبر نشر ألبوم للصور أو فيديو لحفل الاختتام.

وحول المواضيع التي يتمّ التطرق عبر صفحات الميديا الاجتماعية للمهرجانات السنيمائية، نجد: الإعلان عن البرنامج اليوميّ المهرجان، مقابلة مع مخرج أو ممثل لفيلم يشارك في المهرجان، مقابلة مع ضيف شرف في المهرجان، تذكير بـأماكن وجود تذاكر العروض، تقديم ملخّص لفيلم مشارك للمهرجان، تقديم لصور من لقطات بارزة من المهرجان، بث مباشر لبعض النقاط البارزة في المهرجان، الخ.

وممّا لا شك فيه أنّ هذا المحتوى يجذب معجبي هذه المهرجانات باعتبارها تمّثل معلومات إضافية عن هذا الحدث السنيمائي، حتّى أنه يبدو من الصعب عليهم تفويت تفاصيل المهرجان بما أنّه يتم تخزين جميع المعلومات عبر الإنترنت.

من جهة أخرى، تطورت ممارسات مستخدمي الإنترنت لاسيّما متابعي هذه المهرجانات حيث أصبح يعدّ من النادر العثور على منشور post بدون وجود تعليق أو “لايك”. علاوة على ذلك، يبدو من الصعب اليوم إنتاج عمل ثقافي دون الحصول على ملاحظات. على سبيل المثال، تسمح الميديا الاجتماعية للمسؤولين على المهرجانات بجمع تعليقات معجبيهم لتحسين الدورة القادمة. ونتحدث هنا عن مساحة للنقاش والحوار في ظلّ غياب القيود. ويعتبر هذا أمر في غاية الأهميّة لاسيّما مع نهاية المهرجان لأنه من الضروري معرفة انطباعات متابعي الدورة السابقة لتحسين الدورة القادمة وجذب المزيد من رواد المهرجان.

إضافة إلى ذلك، بفضل صفة التفاعلية التي منتحها الميديا الاجتماعية، يتحول متابع المهرجان خلال انتظامه من معجب عادي إلى مساهم في خلق محتوى عبر الميديا الاجتماعية بفضل الهاشتاغ… حيث أنّ رواد المهرجان لا يترددون في مشاركة صورهم مع أصدقائهم عبر الميديا الاجتماعية بإضافة الهاشتاغ الرسمي للمهرجان، مما يعطي صدى إضافي للحدث. نذكر على سبيل المثال أيام قرطاج السينمائية التي كان “هاشتاغها” الرسمي خلال الدورة الأخيرة #JCC2018. ويمكننا بفضل هذا “الهاشتاغ” أن نرى العديد من المنشورات لرواد المهرجان على الفايسبوك. وبالتالي، إنّ مهمة الترويج للمهرجانات ليس مهمة محدودة على المديرين بل إنّ متابعي المهرجان ورواده هم أيضا جزء من العملية التروجية ومحور الخطة الاتصالية. وهنا نتحدث عن الطابع التشاركي للترويج لمهرجان ثقافي.

يؤكد الواقع إذن أنّ استخدام الميديا الاجتماعية أصبح أمرًا حاسمًا للترويج لأي مهرجان نظرًا لتأثير هذه الوسائط الاتصالية الحديثة. ولكن لا ينبغي إطلاق إستراتيجية الاتصال الرقمي للمهرجان قبل انطلاقه بيوم أو اثنان بل إننا نتحدث عن عمل يتطلب إنجازه أشهر عديدة من أجل إثارة اهتمام الجمهور.

كما لا ينبغي إهمال أيّ أداة للترويج لحدث ثقافي في عصر الميديا الاجتماعية بل إنّ جميع الوسائل الاتصالية فعّالة بما في ذلك وسائل الإعلام التقليدية، ولكن بدرجات مختلفة، أي حسب اهتمامات الجمهور.

ملاحظة: يأتي هذا النصّ في إطار مداخلة قامت بها الكاتبة في إطار الندوة الفكرّية للدورة 38 لمهرجان الزيتونة الدوليّ.

Share This:

الترجمة : بقلم أحمد الحذيري

الترجمة من تحويل النصّ إلى تحويل الذات

إعداد د.أحمد الحذيري

أستاذ  محاضر بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة (تونس)

مدخل

لعبت الترجمة دور الـمحفّز والمنشّط في مَواطن القصور الوظيفيّ والبنائيّ للفكر العربيّ والآداب العربيّة وجسّرت الهوّة بين مَناحي تخلّفنا وتقدّم غيرنا. فأسعفتْنا بما به أغْنيْنا لغتنا.وتطوّرت، ليمكننا التعرّف على العالم ومواكبة خطاه.

والترجمة، كما هو معلوم، لا تُحَـوّل النصّ المترْجَم فحسْب وإنّما تُحوّلُ في الوقت ذاتِه لُغَتَهُ.وليست الترجمة هي ما يضمنُ حياةَ النصّ المترجَم ونموَّه وتكاثرَه فحسْب، وإنّما هي ما يضمن أيضا حياة اللغة والفكر ونموّهما. وربّما لهذا السبب كانت أزهى عصور الفكر، غالبا، ما تقترنُ بازدهار حركة الترجمة. وبهذا المعنى تكون الترجمة لا علامةً على تبعيّةٍ ومجرّدَ نقْلٍ، فموتٍ وإنّما على انفتاحٍ وغلَيانٍ  وتلاقحٍ، فحياةٍ.

متابعة قراءة الترجمة : بقلم أحمد الحذيري

Share This: