عن أي شغل دأبه صرف النظر |
|
شعب يحبّ الأكل و النوم أشِرْ |
ويذوب في اللذات مبهور البصر |
|
صوب الموائد يركض لاهثا |
ويجودُ بالأموال فيها مقتدر |
|
في شهوة لا تنتهي نزواته |
في الجدّ يشكو الفقر أو فرط الضجر |
|
في اللهو تلقاه الميسر حاله |
يغنيه في دنياه من خير و شر |
|
شعب يحبّ الزّهو و اللّهو وما |
وتراه عبد المال في كرّ و فر |
|
يشكو من الأوضاع وهي رديئة |
ويروغ بالأثام في شتّى الصور |
|
فيه مؤدّي الفرض في أوقاته |
وهو على درب الفساد المستمر |
|
أو يدعي أنّ الصلاح برأيه |
|
من بعض أسلاك الإدارة و الأطر |
|
أشكو لكم مما يعاني شعبنا |
إن جئت تطلب في الكاتب حاجة لم تلق من تحكي له بالمختصر |
عما أتيت لأجله تقضي الوطر |
|
يعييك ببيان المراد وتنثني |
فإذا فهمت فقد كسبت المنتظر |
|
متلكئين عساك تفهم قصدهم |
لا يأبهون بمن مضى او من حضر |
|
يمضون من خلف المكاتب عنوة |
أو يعظرون و لا حياء ولا حذر |
|
يترشفون على المناضد قهوة |
فتلوك شنقوما ولا تخشى الغير |
|
أمّا التّي لا ترعوي عن غيّها |
تحتاج للتركيز في صف الشعر |
|
لا تقلقوها إنها في شغلها |
من غير ميعاد عليها بالجذر |
|
أو أنها حبلى و تخشى طارئا |
منهنّ حزم ليس في جنس الذكر |
|
مهما يكن هنّ اللّواتي ترتجي |
يقضون حاجات وأشياء أخر |
|
مستأنسون وبالهواتف همهم |
تزهو بها بين البوادي و الحضر |
|
كانت لنا فيما مضى منضومة |
في كل شيء حاله يُبكى الحجر |
|
واليوم آلت حالها مثل الذّي |
وأنهار صرح شامخ ثمّ اندثر |
|
من ثورة قلبت موازين القوى |
واستنزقوا منها القوى و المدّخر |
|
ساموا البلاد مذلة و مهانة |
في جهلهم باع وفي العقل خور |
|
ملؤوا الادارة بالرعاع ومن لهم |
هيمان ما بين الثنايا و الحفر |
|
أما الشباب ففي المهالك تائه |
هجر الحِمى في ظنّه نال الظفر |
|
ضاقت به الدنيا فملّ مقامه |
كتبت له المنجاة في بحر وبرّ |
|
لم تنته بلواه في منفاه لو |
يبكي على وطن بقلب منكسر |
|
الحزن فارق أهله متوجّعا |
|
امّا الفقير فإنّه لا يعتبر |
|
هذا زمان المولعين بمالهم |
شعبي عجوز هزّها سيل فقالت عامنا صاباته درٌّ و بُرْ |
ياويلتي شعبي إذن مثلي انتحر |
|
ضحكت غباء ثمّ صاحت هيت لك |
في وطن تسامى شعبه منذ انتصر |
|
نشتاق للزمن الذي عشناه |
وتدارسوا من رأيه كل العبر |
|
في عهد بورقيبة الكبار توافدوا |
ونفاخر الدّنيا ولا نخشى الخطر |
|
كنا نرى فيه المعاني كلّها |
شاءت لها الأقدار شرّ المستقر |
|
ما عاد يجدي القول إنّا أمة |
ورمى الفساد جذوره بين البشر |
|
هل من صلاح بعد أن عمّ البلا |
حتى تمرّ العير من خرم الإبر |
|
لن تستقيم الحال في أوطاننا |
كل المنابر بالجوامع تذكر |
|
أخلاقنا أمست شعارات على |
يرتادها السّاعون أوقلت السحر |
|
تلك الجوامع للصلاة مليئة |
روّادها مثل الجراد المنتشر |
|
وكذلك الحانات ضاق فضاؤها |
ما يشهدون اليوم من خلف الغير |
|
يتعايشون ولا يفرّق شملهم |
|
لا توقظوه فإنّه يأبى السّهر |
|
شعبي ينام وبالسعادة حالها |
لو قطعوه ما تأذي أو ثأر |
|
شعبي المسا لو لايحرك ساكنا |
لا يشتكي مهما تولاه الضّرر |
|
هم روضوه على المهانة صامتا |
نحن الضحايا ذاك أمر قد صدر |
|
حسموا الأمور و قرّروا ما قرّروا |
بين الشعوب مسار للمنحدر مساره |
|
لم يبق فيه الحس يوقظ عزمه |
إنّما طلبنا منكم القدر اليسر |
|
يا سادتي يا حاكمين رقابنا |
حريّة و كرامة مثل البشر |
|
ماذا يريد الشعب من حكامه |
سبل الحياة على صفيح تنتظر |
|
و الشغل للأجيال إذ ضاقت بها |
فاستنزقونا و اعصروا ما يعتصر |
|
ما غير هذا ننتغي يا سادتي |
هيّا ارحلوا يا أوجه النّحس القذر |
|
إنّا سئمنا حكمكم فكّوا العُرى |
فمتى نراكم في جحيم مستعر |
|
إنّا بكم ساءت بنا أحوالنا |